المعصومين عليهم السلام لعرفنا كيف أنّ هذه المكاسب السّريعة والمحدودة تكون على حساب مصالحنا الإستراتيجية والمصيرية كمؤمنين ، وهل من العقل أن يرضى الإنسان بغنائم تافهة وحقيرة بتنازله عن مكاسب مهمّة وكبيرة؟
إنّ الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يؤكّد لنا أنّ ما نتصوّره مكسباً وخيراً بعدائنا واختلافنا مع المؤمنين الآخرين لهو تصوّر خاطئ واهمٌ يقول عليه السلام : وإنّ الله سبحانه لم يعط أحداً بفرقة خيراً ، ممّن مضى ولا ممّن بقي (١).
ومشكلتنا هي مع من يعتقد أنّ صراعه وعداءه للآخرين هو تكليف شرعي وأمر ديني حيث يسوّل له الشيطان أنّه وحده على الحقّ وأنّ الآخرين على الباطل ، وأنّ من واجبه معاداتهم انتصاراً للحق!
إنّ الإمام علي عليه السلام ينسف هذا التفكير المتعجرف بإرجاع بواعث الفرقة والخلاف بين المسلمين إلى وساوس الشّيطان وتضليلاته ، وأنّ الفرقة والعداء داخل المجتمع المسلم لا يمكن أن تكون مقبولة ومندوباً إليها من قبل الله تعالى.
يقول عليه السلام : إنّ الشّيطان يُسنّي لكم طُرُقه ، ويريد أن يحُلّ دينكم عقدة عقدة ، ويعطيكم بالجماعة الفرقة ، وبالفرقة الفتنة فاصدفوا عن نزغاته ونفثاته (٢).
إن من أهمّ أسباب انهيار الحضارات وهزيمة الأُمم وقوع النزاعات والاختلافات في أوساطها ولو درسنا تاريخ المجتمعات البشرية لواجهتنا هذه
__________________
١ ـ نهج البلاغة ٤ : ٩٦ الخطبة ١٧٦.
٢ ـ المصدر السابق : ٢١٨ ، الخطبة ١٢٠.