ولكن ماذا يكون موقف المؤمن إذا رأى من أخيه المؤمن عملاً مؤذياً؟ ألا يحق له أن يتأثّر ويأخذ في نفسه عليه؟
تجيب الأحاديث الشريفة بأنّ ذلك تأثّراً وانفعالاً طبيعياً لا إشكال في حصوله ولكن لا يصحّ أن يبقى ويستمرّ في نفس الإنسان المؤمن على أخيه المؤمن.
وفي حديث آخر : المؤمن يحقد ما دام في مجلسه فإذا قام ذهب عنه الحقد (١).
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في صفة المؤمن : قليلاً حقده (٢).
مساكين هم أولئك الذين يثقلون قلوبهم بالأحقاد على الآخرين لا لشيء إلّا لأنّهم يختلفون معهم في رأي أو موقف.
إنّ البعض من هؤلاء يبدو وكأنّهم يتلذّذون بالخصومة والنزاع مع الآخرين ويحملون في نفوسهم قوائم سوداء يصنّفون النّاس من خلالها فيعادون هذا الشّخص ويحاربون تلك الجهة ويستشكلون على هذه الجماعة أو تلك بأسباب ومبرّرات ، مهما كانت فإنّها لا تجيز للمسلم أن يوقع نفسه في سلوكية الخصام والعداء لأبناء دينه ومجتمعه.
إنّ المؤمن ليدعو الله من أعماق قلبه أن يطهّر نفسه من مرض الأحقاد والعداء للمؤمنين : (رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) (٣).
أما كيف يُبتلى الإنسان بمرض الخصومة مع الآخرين؟
__________________
١ ـ تحف العقول : ٣١٠.
٢ ـ كتاب التمحيص : ٧٥.
٣ ـ الحشر (٥٩) : ١٠.