( وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ ) (١).
(لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٢).
وقد روي أنّ سبب نزول هذه الآية (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ) هو النهي والتحذير لأحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو رجل من الأنصار من بني سالم ابن عوف يقال له الحصين وكان له ابنان نصرانيان فأراد ان يجبرهما على اعتناق الإسلام ، فانزل الله تعالى هذه الآية (٣) ، دفاعاً عن حرّية العقيدة ، ومنعاً للإرهاب والقمع الفكري.
والعقيدة الإسلامية إطار واسع يمنح الإنسان حرّية الفكر والتأمّل والاستنباط ، فإذا آمن الإنسان بأصول العقيدة فهو مسلم ، له ما للمسلمين ، وعليه ما عليهم ، أمّا التفاصيل وقضايا العلم وشؤون الحياة ، فللإنسان أن يعتمد على فكره وعقله على هدى تلك الأصول العقيدية وبشكل لا يتناقض معها.
فالقرآن الحكيم لا يفرض على الإنسان حتميّات ومسلّمات علميّة في شؤون الحياة بل يوجّه الإنسان للتأمّل والتفكير والنظر راسماً له منهجيّة التفكير السليم ، والنّظرة العلمية الموضوعية حتّى لا يقع فكر الإنسان تحت تأثير
__________________
١ ـ يونس ( ١٠ ) : ٩٩.
٢ ـ البقرة (٢) : ٢٥٦.
٣ ـ جامع البيان عن تأويل آي القرآن ٣ : ٢٢.