الضّغوط والشّهوات ، وقد كان بعض المعاصرين لنزول القرآن الحكيم يتوقّعون منه الإجابة على تساؤلاتهم العلمية والحياتية لكن الخالق سبحانه كان يريد منهم إعمال عقولهم واستخدام أفكارهم دون الاعتماد على إجابات جاهزة تأتيهم من السّماء لذلك نلاحظ إعراض الوحي عن الإجابة على العديد من التساؤلات ، كسؤالهم عن الرّوح يقول تعالى : (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً) (١) ، وكامتناع الوحي عن البت في مسألة عدد أهل الكهف وهي مسألة ترتبط بالتاريخ وعلم الآثار يقول تعالى : (سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاء ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا) (٢).
والملفت للنظر أنّ فهم آيات القرآن وتفسيرها هي وظيفة عقل الإنسان وفكره ، حيث لم يفرض الإسلام إلى جانب القرآن تفسيراً منصوصاً محدّدا يلزم به كلّ مسلم ، بل دعا الناس إلى إعمال عقولهم في تفهّم القرآن وتدبّر آياته : يقول تعالى :
(أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (٣).
(كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ) (٤).
(أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا) (٥).
__________________
١ ـ الإسراء (١٧) : ٨٥.
٢ ـ الكهف (١٨) : ٢٢.
٣ ـ محمّد (٤٧) : ٢٤.
٤ ـ ص (٣٨) : ٢٩.
٥ ـ النساء (٤) : ٨٢.