ويشير الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام إلى أنّ كلّ جيل ومجتمع يمكنه أن يستفيد فهماً جديداً من القرآن الكريم فيقول حينما سأله رجل : ما بال القرآن لا يزداد على النشر والدرس إلّا غضاضة؟
أجاب عليه السلام : لأنّ الله تعالى لم ينزله لزمان دون زمان ، ولا لناس دون ناس فهو في كلّ زمان جديد ، وعند كلّ قوم غضّ إلى يوم القيامة (١).
أمّا إذا أشكل على الإنسان شيء في فهمه لآية من القرآن الحكيم أو تشابهت عليه معاني الآيات ، فعليه أن يرجع إلى الراسخين في العلم ويسأل أهل الذّكر : (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) (٢).
ونتيجة لهذه الحريّة الفكرية التي أرساها الإسلام في مجتمعه تعدّدت المدارس العقيدية والمذاهب الفقهية ونبغ علماء الطبيعة والمخترعون والمكتشفون فإعمال الفكر مطلوب في الإسلام ينال صاحبه عليه الثواب حتّى وإن لم يوفّق للصواب شرط صحّة المنهج المتبّع.
لكي تعطي حرّيّة الفكر نتائجها الإيجابية في تقدّم مسيرة المجتمع لابدّ من معالجة بعض السّلبيّات والأمراض التي قد ترافقها ، وما قد تجرّ إليه هذه السّلبيّات من تفرّق وصراع.
وهنا لابدّ من مبادئ أخلاقية وتعاليم تربويّة تجعل العقول منفتحة والصّدور متّسعة لاختلاف الرّأي وتعدّد وجهات النّظر ، وهذا ما صنعه الإسلام
__________________
١ ـ عيون أخبار الرضا عليه السلام ١ : ٩٣.
٢ ـ النحل (١٦) : ٤٣ والأنبياء (٢١) : ٧.