بالتأكيد على مبدأ التسامح واحترام الرّأي فليس في الإسلام محاكم للتفتيش ، ولا يحقّ لأحد أن يمارس دور الوصاية والرقابة على أفكار الناس ونواياهم ومشاعرهم ، والانتماء إلى الإسلام والعضويّة في مجتمعه لا تحتاج إلى شهادة أو قبول من أحد ، وبذلك لا يمتلك أحد حقّ الحكم بطرد أحد من إطار الإسلام ما دام يعلن قبوله بالإسلام حتّى لا تتكرّر مآسي التكفير والاتّهام بالزندقة والمروق عن الدين كما يفعله البعض.
إنّ التكفير والاتهام بالزّندقة والمروق هو مظهر للإرهاب الفكري حيث يدعي البعض لنفسه أنّ الإسلام ينحصر فيما يراه ويفهمه هو : وأنّ من تخالفه في ذلك الفهم أو الرّأي والمذهب فهو كافر لا مكان له في أجواء الإسلام ومجتمعه! ولقد حذّر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أن يشهر مسلم على أخيه المسلم سلاح التكفير ففي الحديث الصحيح : من قال لأخيه : يا كافر فقد باء بها أحدهما (١).
وعن الإمام علي عليه السلام : من قال المؤمن لأخيه : أُفّ انقطع ما بينهما فإذا قال له : أنت كافر كفر أحدهما ، وإذا اتّهمه انماث الإسلام في قلبه كما ينماث الملح في الماء (٢).
وعن أبي جعفر الإمام الباقر عليه السلام : ما شهد رجل على رجل بكفر قط إلّا باء به أحدهما ، إن كان شهد على كافر صدق ، وإن كان مؤمناً رجع الكفر عليه فإيّاكم والطعن على المؤمنين (٣).
وعن الإمام الصادق عليه السلام ملعون معلون من رمى مؤمناً بكفرٍ ومن رمى
__________________
١ ـ مسند أحمد ٢ : ١١٢.
٢ ـ الخصال ٢ : ٦٢٢ ، حديث أربعمائة.
٣ ـ الكافي ٢ : ٣٦٠ ، الحديث ٥ باب السباب.