مؤمناً بكفر فهو كقتله (١).
وعنه أيضاً عليه السلام : من اتهم أخاه في دينه فلا حرمة بينهما (٢).
ولم يكن مبدأ التسامح مجرّد فكرة نظريّة أو خلق مثالي بل كان سياسة ونظاماً اجتماعياً طبّقه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حياته ، وذلك ملحوظ في تعامله مع المنافقين حيث لم يكفّرهم ولم يطردهم من مجتمع المسلمين ولم يقاتلهم ، وبعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينقل لنا التاريخ صفحات رائعة من حالة التسامح التي كانت سائدة في حياة المسلمين ، ومن أروع الصفحات موقف الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام من مخالفيه ومناوئيه فعلي عليه السلام لا يُنكر علمه وفضله ، وإذا كان هناك من يتّهم فهم علي للإسلام فهو ـ الإمام علي ـ بلا شكّ واثق من نفسه متأكّد من فهمه ، وهو أقرب الناس لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وألصقهم به ومع ذلك فإنّه لم يحكم على من اختلف معه في الفهم أو الموقف بالخروج عن حضرة الإسلام ، ولم يحرمهم من حقوقهم كأعضاء في المجتمع الإسلامي.
ورغم أنّ المتمرّدين على الإمام علي عليه السلام من الخوارج تجرئوا حتّى على تكفيره واتّهموه بالشّرك ، ولكنّه عليه السلام رفض أن يبادلهم التهمة بل اعترف لهم بالإسلام وعاملهم معاملة سائر المسلمين.
ففي مصنّف ابن أبي شيبة بسنده عن كثير بن نمر قال : بينا أنا في الجمعة وعلي بن أبي طالب على المنبر إذ جاء رجل فقال : لا حكم إلّا لله ، ثم قام
__________________
١ ـ كنز الفوائد لأبي الفتح الكراجكي : ٦٣.
٢ ـ الكافي ٢ : ٣٦١ ، الحديث٢ ، باب التهمة وسوء الظن.