تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (١).
فنكسوا رؤوسهم وانصرفوا (٢).
إن يكون لك رأي فذلك حقّ طبيعي ، لكنّ الإسلام ينصحك أن تتوخّى في آرائك الصّواب وتبحث عن الحقّ ، وأن لا تصمّ أُذنك وتحجب عقلك على الآراء الأخرى ، فلعلّها أصوب من رأيك وأقرب إلى الحقّ ، وإذا ما تبيّن لك الخطأ فلا يصحّ لك الإصرار على الرأي الخاطئ يقول تعالى : (فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ) (٣).
ففي مقابل خلق التسامح واحترام الرأي هناك مرض التعصّب واحتكار الحقّ بأن يتشبّث الإنسان برأيه ، ويرفض مجرّد النّقاش والبحث في الرأي الآخر ، ويعتقد بأنّ رأيه الحقّ المطلق ، ليس بعده إلّا الكفر والضّلال.
إنّ هذا المرض المقيت يسبّب تحجّر الفكر ، ويؤدّي إلى الإرهاب الفكري ، وينتج الصّراع والنزّاع في المجتمع.
فالحقّ والصّواب في أيّ أمر علمه الواقعي عند الله سبحانه ، وأّيّ رأي بشري يحتمل الصواب كما يحتمل الخطأ ، وقد لا يكون الصواب والخطأ في أيّ رأي مطلقاً وتاماً بل قد تختلف نسبته المئوية فهو صحيح أو خطأ بنسبة ١%
__________________
١ ـ المائدة (٥) : ١١٨.
٢ ـ القرآن والسلطان : ٢٠٣.
٣ ـ الزمر (٣٩) : ١٧ ـ ١٨.