لدى بعض الفئات والجهات المؤثّرة ، بدأ الفكر يعيش حالة المعاناة ، وابتلى المسلمون بمآسي الإرهاب الفكري في العديد من الفترات والعهود ، فالسلطات الحاكمة كانت تتدخّل بقوّتها لفرض رأي أو لمحاربة آخر ، وبعض رجال الدين المرتبطين بالسّلطات كانوا يشجّعونها بهذا الأتجاه ولعلّ الخوارج هم أوّل من مارس هذا النوّع من الإرهاب الفكري في تاريخ المسلمين حيث كفّروا من يخالفهم في الرأي أو الموقف السياسي حتّى وإن كان علي بن أبي طالب أوّل الناس إسلاماً وأسبقهم إيماناً وأقربهم من رسول الله.
وحدثت من جرّاء ذلك الآلام والمآسي بتبادل اتهامات التكفير والمروق من الدين ، وباستباحة الدّماء وهتك الحرمات لخلاف على فكرة أو حكم فقهي!
ولآن نحن نعيش القرن الخامس عشر للهجرة ، ونلاحظ تطوّر العلم والتكنولوجيا ، والمدى الذي وصلت إليه المجتمعات الصناعية المتقدّمة ، ونلاحظ تنامي مستوى الوعي والإدراك في أوساط أُمّتنا الإسلامية الناهضة ، فهل يمكن القبول بتكرار مآسي الماضي ، وعودة أجواء التحجّر والتزّمت والإرهاب الفكري؟
ومن المؤسف أنّ هناك من لا يزال يعيش بتلك العقلية الضيّقة ويريد فرض وصايته وآرائه على الآخرين ، وإذا ما خالفه أحد أو ناقشه بادر إلى إصدار فتوى التكفير والمروق عن الدين بحقه أو اتّهمه بالابتداع والضلال.
يقول الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي :
وقد عرفنا في عصرنا أناساً يجهدون أنفسهم ، ويجهدون النّاس معهم ،