الاستحباب أو الكراهية وقد يعتبره بعضهم محكماً ، ويراه غيره منسوخاً إلى غير ذلك من الاعتبارات (١).
إنّ وجود فئات تحمل هذا التوجّه المتشدّد ، وترفض حرّيّة الفكر وخلق التسامح ، ليهدّد الحركة العلمية والفكرية بالشلل والتحجّر ، كما يخلق حالة النزاع والعداوة ويمنع من الوحدة والتعاون.
وخاصّة إذا ما كانت هناك مصالح سياسية تدفع بعض الحكومات ذات النفوذ والثروة لتبنّي مثل هذه التوجّهات ، وهذا هو ما تعاني منه الأُمّة الإسلامية في هذا العصر.
فحينما تأسّست في القاهرة دار التقريب بين المذاهب الإسلامية في الستينات وهي مشروع وحدوي حضاري قام به نخبة من علماء المسلمين السنّة والشيعة ، ثارت ثائرة أولئك المتشدّدين وبدأو يصدرون الكتب والمجلّات ، التي توزع أحكام التكفير والمروق من الدين على هذا المذهب وتلك الطائفة ، حتّى كتب أحدهم كتاباً قال في مقدمته مهاجماً فكرة التقارب بين المذاهب الإسلامية : إنّه لا يمكن الجمع بين النور والظلام والتقريب بين الحقّ والباطل!
وبعد انتشار الصحوة الإسلامية وانبثاق الحركات والانتفاضات الجماهيرية في الأُمّة جدّد هؤلاء المتزمِّتون نشاطهم وضمن مخطّط سياسي لمواجهة الصحوة المباركة ، فصاروا يصدرون ألوان الكتب والمجلّات ، ويمارسون نشاطاً مكثفّاً ضدّ المذاهب والمدارس الفكرية المخالفة لهم ، بهدف إيجاد البلبلة وتعميق الفرقة ، ولإضعاف الجهود الوحدوية الصادقة.
__________________
١ ـ الصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرّف : ١٦٣.