إنّ محاربة أيّ مذهب أو فكرة بالقمع والإرهاب غالباً ما لا يقضي على ذلك المذهب أو تلك الفكرة بل يفجّر إرادة التحدّي عند الاتباع ، ويجعلهم أكثر إصراراً وتمسّكاً برأيهم ، بل قد يدفعهم إلى الهجوم المضاد ، والردّ الانتقامي وبذلك تتمزّق وحدة الأمّة ، وتتبدّد طاقاتها على حساب معركتها المصيرية وقضاياها الأساسية.
والواعون من الأمّة مطالبون بمقاومة الإرهاب الفكري ، وتشجيع حرّية الفكر ، وبثّ أخلاق الإسلام الداعية إلى التسامح واحترام الرأي.
ومن المبادرات الإيجابية في هذا المجال الكتاب الذي أصدره الدكتور الشيخ محمّد سعيد رمضان البوطي من أبرز علماء المسلمين في سوريا تحت عنوان ( السّلفيّة مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي ) فالكتاب وإن كانت بعض نقاطه مورد نقاش واختلاف نظر ، لكن الموضوع الأساسي للكتاب دفاع عن حرّية الرأي والفكر وإدانة للإرهاب الفكري ، ويشير المؤلّف إلى أخطار التحجّر الفكري ومصادرة حقّ الآخرين في إبداء آرائهم وما ينتجه هذا التوجّه الذي تتخّذه السّلفيّة شعاراً ولواءاً من تكريس للخلافات وتمزيق للصفّ الإسلامي الواحد.
يقول :
الأذى المتنوّع البليغ الذي انحطّ في كيان المسلمين من جرّاء ظهور هذه الفتنة المبتدعة فلقد أخذت تقارع وحدة المسلمين ، وتسعى جاهدة إلى تبديد تآلفهم وتحويل تعاونهم إلى تناحر وتناكر ، وقد عرف الناس جميعاً أنّه ما من بلدة أو قرية في أيّ من أطراف العالم الإسلامي ، إلّا وقد وصل إليها من هذا البلاء شظايا ، وأصابها من جرّائه ما أصابها من خصام وفرقة وشتات ، بل ما