رأيت أو سمعت شيئاً من أنباء هذه الصّحوة الإسلامية التي تجتاح اليوم كثيراً من أنحاء أوروبا وأمريكا وآسيا ، مما يثلج الصدر ، ويبعث على البشر والتفاؤل إلّا ورأيت أو سمعت بالمقابل من أخبار هذه الفتنة الشّنعاء التي سبقت إلى تلك الأوساط سوقاً ، ما يملأ الصدر كرباً ويزجّ المسلم في ظلام من الخيبة الخانقة والتشاؤم الأليم.
كنت في هذا العام المنصرم ١٤٠٦ هـ واحداً ممّن استضافتهم رابطة العالم الإسلامي للاشتراك في الموسم الثقافي ، وأُتيح لي بهذه المناسبة أن أتعرّف على كثير من ضيوف الرّابطة الذين جاؤوا من أوروبا وأمريكا وآسيا وإفريقيا ، وأكثرهم يشرفون في الأصقاع التي أتوا منها على مراكز الدّعوة الإسلامية أو يعملون فيها ، والعجيب الذي لابدّ أن يهيّج آلاماً ممزقة في نفس كلّ مسلم أخلص لله في إسلامه ، إنّني عندما كنت أسأل كلاّ منهم عن سير الدّعوة الإسلامية في تلك الجهات ، أسمع جواباً واحداً يطلقه كلّ من هؤلاء الإخوة على انفراد ، بمرارة وأسى خلاصته : المشكلة الوحيدة عندنا هي الخلافات والخصومات الطاحنة التي تثيرها بيننا جماعة السلفية.
ولقد اشتدّت هذه الخصومات منذ بضع سنوات ، في مسجد واشنطون إلى درجة الجات السلطات الأمريكية إلى التدخّل ، ثمّ إلى إغلاق المسجد لبضعة شهور!
ولقد اشتدّت هذه الخصومات ذاتها واهتاجت ، في أحد مساجد باريس منذ ثلاثة أعوام ، حتّى اضطرّت الشّرطة الفرنسية إلى اقتحام المسجد ، والمضحك المبكي بآن واحد ، أنّ أحد أطراف تلك الخصومة أخذته الغيرة الحمقاء لدين الله ولحرمة المسجد ، لما رأى أحد الشرطة داخلاً المسجد