عوامل وأسباب
في حياة مؤسّس أيّ دين وبسبب التفاف الأتباع حوله وإيمانهم به ، وممارسته دور القائد الذي يرجع إليه في مختلف الشؤون ، فإنّ حصول الانشقاق وتعدّد المذاهب ضمن ذلك الدين يكون مستبعداً ونادر الوقوع ، ولكن إذا فارق القائد المؤسّس الحياة فإنّ المجال يصبح مفتوحاً لتعدّد الآراء واختلاف الإرادات بين أتباعه حيث تتأطّر وتتبلور على شكل مذاهب وطوائف وفِرَق بمرور الزّمن.
ولكن لماذا يحصل الانشقاق بين أتباع الدين الواحد؟ ولماذا تتعدّد المذاهب والطوائف فيه؟ وما هي العوامل والأسباب التي تنبثق منها هذه الظاهرة بشكل عام؟
يمكننا تسليط الضّوء على العوامل والأسباب التالية والتي هي مشتركة غالباً في جميع حالات تعدّد مذاهب الأديان :
أوّلاً : العامل الفكري : فبسبب تفاوت العقول والأفكار واختلاف مستويات الإدراك والمعرفة يحصل تباين في فهم معتقدات الدين وتفسير تعاليمه ، وإذا كان القائد المؤسّس مرجعاً للحسم والفصل يخضع له الجميع في حياته ، فليس هناك ما يدعو هذا الطّرف أو ذاك للتنازل عن فهمه ورأيه بعد وفاة المؤسس ، بل يعتقد كلّ طرف أنّ فهمه ورأيه هو الأصحّ والأصوب ، من هنا تبدأ بذور الانشقاق والتعدّد ، وعلى أساس ذلك الاختلاف الفكري قد يحصل تعارض في المواقف السياسية أيضاً.