باب ما أوله الشين
(شبح)
فِي الْحَدِيثِ « خَلَقَ اللهُ مُحَمَّداً وَعِتْرَتَهُ أَشْبَاحَ نُورٍ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ. قُلْتُ : وَمَا الْأَشْبَاحُ؟ قَالَ : ظِلُّ النُّورِ أَبْدَانٌ نُورَانِيَةٌ بَلْ أَرْوَاحٌ ».
فَالْأَشْبَاحُ جمع شَبَحٍ بالتحريك وقد يسكن ، وهو الشخص ، مثل سبب وأسباب. وسُئِلَ الشَّيْخُ الْجَلِيلُ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ : مَا مَعْنَى الْأَشْبَاحِ؟ فَأَجَابَ : الصَّحِيحُ مِنْ حَدِيثِ الْأَشْبَاحِ الرِّوَايَةُ الَّتِي جَاءَتْ عَنِ الثِّقَاتِ بِأَنَّ آدَمَ عليه السلام رَأَى عَلَى الْعَرْشِ أَشْبَاحاً يَلْمَعُ نُورُهَا ، فَسَأَلَ اللهَ تَعَالَى عَنْهَا فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ أَنَّهَا أَشْبَاحُ رَسُولِ اللهِ وَأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَفَاطِمَةَ عليه السلام ، وَأَعْلَمَهُ لَوْ لَا الْأَشْبَاحُ الَّتِي رَآهَا مَا خَلَقَهُ اللهُ وَلَا خَلَقَ سَمَاءً وَلَا أَرْضاً.
ثم قال : والوجه فيما أظهره الله من الْأَشْبَاحِ والصور لآدم عليه السلام أن دله على تعظيمهم وتبجيلهم ، وجعل ذلك إجلالا لهم ومقدمة لما يفرضه من طاعتهم ، ودليلا على أن مصالح الدين والدنيا لا تتم إلا بهم ، ولم يكونوا في تلك الحال صورا مجسمة ولا أرواحا ناطقة ولكنها كانت على صورهم في البشرية تدل على ما يكونون عليه في المستقبل ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ آدَمَ عليه السلام لَمَّا تَابَ إِلَى اللهِ وَنَاجَاهُ بِقَبُولِ تَوْبَتِهِ سَأَلَهُ بِحَقِّهِمْ عَلَيْهِ وَمَحَلِّهِمْ عِنْدَهُ فَأَجَابَهُ.
قال : وهذا غير منكر من القول ولا مضاد للشرع ، وقد رواه الثقات الصالحون المأمونون ، وسلم لروايته طائفة الحق ، فلا طريق إلى إنكاره.
وَفِي وَصْفِهِ عليه السلام « مَشْبُوحَ الذِّرَاعَيْنِ ».
أي طويلهما ، وقيل عريضهما
وَرُوِيَ « شَبْحُ الذِّرَاعَيْنِ ».
والشَّبْحُ : مدك الشيء بين أوتاد كالجلد والحبل. وشَبَحَهُ يَشْبَحُهُ بفتحتين : ألقاه ممدودا بين خشبتين مقرونتين في الأرض.