أنك تستخير الله أولا بأن تقول « اللهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ خِيرَةً في عافية » وتكرر ذلك مرارا ثم تشاور بعد ذلك فيه ، فإنك إذا بدأت بالله أجرى الله لك الخيرة على لسان من شاء من خلقه. وخِرْ لِي واخْتَرْ لي : أي اجعل من أمري خيرا وألهمني فعله واختر لي الأصلح وهذه خِيرَتِي بالسكون ، وهو ما يختار. وخَيْر يأتي للتفضيل ، فيقال هذا خَيْرٌ من هذا أي يفضله ، ويكون اسم فاعل لا يراد به التفضيل نحو « الصلاة خَيْرٌ من النوم » أي ذات خير وفضل ، أي جامعة لذلك. وهذا أَخْيَرُ من هذا : لغة بني عامر ، وكذلك أشر منه ، وسائر العرب تسقط الألف منهما ـ قاله في المصباح. وفلان ذو خَيْرٍ : أي ذو كرم.
باب ما أوله الدال
( دبر )
قوله تعالى : ( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ) [ ٣٢ / ٥ ] قال الشيخ أبو علي : أي يدبر الأمور كلها ويقدرها على حسب إرادته فيما بين السماء والأرض وينزله مع الملك إلى الأرض ثم يعرج إليه الملك ، أي يصعد إلى المكان الذي أمره الله أن يصعد إليه ( فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ) ، أي يوم يكون مقداره لو سار غير الملك ألف سنة مما يعده البشر خمسمائة عام نزول وخمسمائة عام صعود. قوله : ( فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) [ ٦ / ٤٥ ] أي أهلك آخر من بقي منهم. قال المفسر هو إيذان بوجوب الحمد لله عند هلاك الظلمة ، لأنه من أجل النعم وأجزل القسم قوله : ( وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ ) [ ٨ / ٧ ] باستيصالهم وقتلهم وأسرهم. والدَّابِرُ : الآخر ، من دَبَرَ إذا أَدْبَرَ. ومثله قوله : ( أَنَ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ )