[ ٣ / ١٥٩ ] أي في أمر الحرب تطييبا لقلوبهم ، أي استخرج آراءهم واستعلم ما عندهم. قوله : ( فَأَشارَتْ إِلَيْهِ ) [ ١٩ / ٢٩ ] الإِشَارَةُ الإيماء باليد أو الرأس ، أي أومأت إليه ، وهي ترادف النطق في فهم المعنى كما لو استأذنه في شيء فأشار بيده أو رأسه أن يفعل أو لا يفعل.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام « فَيَا لَلَّهِ وَلِلشُّورَى مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيَّ مَعَ الْأَوَّلِ مِنْهُمْ حَتَّى صِرْتُ أُقْرَنُ إِلَى هَذِهِ النَّظَائِرِ » (١).
قَوْلُهُ « فَيَا لَلَّهِ وَلِلشُّورَى ».
استغاثة واستفهام على سبيل التعجب. والقصة في ذلك أَنَّهُ لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ دَخَلَ عَلَيْهِ وُجُوهُ الصَّحَابَةِ وَسَأَلُوهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ رَجُلاً يَرْضَاهُ ، فَقَالَ : لَا أُحِبُّ أَنْ أَتَحَمَّلَهَا حَيّاً وَمَيِّتاً ، فَقَالُوا : أَلَا تُشِيرُ عَلَيْنَا. فَقَالَ : إِنْ أَحْبَبْتُمْ فَنَعَمْ. فَقَالُوا : نَعَمْ. فَقَالَ : الصَّالِحُونَ لِهَذَا الْأَمْرِ سَبْعٌ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ وَأَنَا مُخْرِجُهُ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ ، فَأَمَّا سَعْدٌ فَيَمْنَعُنِي مِنْهُ عُنْفُهُ ، وَمِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَإِنَّهُ قَارُونُ هَذِهِ الْأُمَّةِ ، وَمِنْ طَلْحَةَ فَتَكَبُّرُهُ ، وَمِنَ الزُّبَيْرِ فَشُحُّهُ ، وَمِنْ عُثْمَانَ حُبُّهُ لِقَوْمِهِ ، وَمِنْ عَلِيٍّ حِرْصُهُ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ وَأَمَرَ صُهَيْباً أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَيَخْلُوَ سِتَّةُ نَفَرٍ فِي بَيْتٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، فَإِنْ اتَّفَقَتْ خَمْسَةٌ عَلَى رَجُلٍ وَأَبَى وَاحِدٌ قُتِلَ وَإِنِ اتَّفَقَتْ ثَلَاثَةٌ فَلْيَكُنِ النَّاسُ مَعَ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ فِيهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، وَيُرْوَى فَاقْتُلُوا الثَّلَاثَةَ الَّذِينَ لَيْسَ مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، فَلَمَّا خَرَجُوا وَاجْتَمَعُوا لِلْأَمْرِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : إِنَّ لِي وَلِسَعْدٍ فِي هَذَا الْأَمْرِ الثُّلُثَ فَنَحْنُ نُخْرِجُ أَنْفُسَنَا مِنْهُ عَلَى أَنْ نَخْتَارَ خَيْرَكُمْ لِلْأُمَّةِ : فَرَضِيَ الْقَوْمُ غَيْرَ عَلِيٍّ فَإِنَّهُ قَالَ أَرَى وَأَنْظُرُ ، فَلَمَّا أَيِسَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ عَلِيٍّ رَجَعَ إِلَى سَعْدٍ وَقَالَ لَهُ : هَلُمَّ نُعَيِّنُ رَجُلاً فَنُبَايِعَهُ وَالنَّاسُ يُبَايِعُونَ مَنْ نُبَايِعُهُ فَقَالَ سَعْدٌ : إِنْ بَايَعَكَ عُثْمَانُ فَأَنَا لَكُمْ ثَالِثٌ وَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تُوَلِّيَ عُثْمَانَ فَعَلِيٌّ أَحَبُّ إِلَيَّ ، فَلَمَّا أَيِسَ مِنْ رِضَا سَعْدٍ
__________________
(١) نهج البلاغة ج ١ صلى الله عليه وآله ٢٩.