قال المناوي في فيض القدير ، في شرحه للحديث : « ( إنّ مثل أهل بيتي ) فاطمة وعليّ وابنيهما وبنيهما أهل العدل والديانة ( مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها هلك ) وجه التشبيه أنّ النجاة ثبتت من قوم نوح صلّى الله عليه وسلّم لأمته بالتمسّك بأهل بيته النجاة ، وجعلهم وصلة إليها ومحصوله الحثّ على التعلّق بحبّهم وحبلهم وإعظامهم شكراً لنعمة مشرفهم ، والأخذ بهدي علمائهم ، فمن أخذ بذلك نجا من ظلمات المخالفة ، وأدّى شكر النعمة المترادفة ، ومن تخلّف عنه غرق في بحار الكفران وتيار الطغيان ، فاستحقّ النيران ، لما أنّ بغضهم يوجب النار ، كما جاء في عدّة أخبار ، كيف وهم أبناء أئمّة الهدى ومصابيح الدجى الذين احتجّ الله بهم على عباده ، وهم فروع الشجرة المباركة ، وبقايا الصفوة الذين أذهب عنهم الرجس وطهرّهم وبرّأهم من الآفات ، وافترض مودّتهم في كثير من الآيات ، وهم العروة الوثقى ومعدن التقى ، واعلم أنّ المراد بأهل بيته في هذا المقام العلماء منهم ، إذ لا يحثّ على التمسّك بغيرهم ، وهم الذين لا يفارقون الكتاب والسنّة حتّى يردوا معه على الحوض ، رواه الحاكم في مناقب أهل البيت عن أبي ذر ، قال الحاكم : صحيح » (١).
وقال أيضاً : « ( مثل أهل بيتي ) زاد في رواية فيكم ( مثل سفينة نوح ) في رواية في قومه ( من ركبها نجا ) أي : خلص من الأمور المستصعبة ( ومن تخلّف عنها غرق ) وفي رواية هلك ومن ثُمّ ذهب قوم إلى أنّ قطب الأولياء في كلّ زمن لا يكون إلا منهم ، ووجه تشبيههم بالسفينة : أنّ من احبّهم وعظمهم شكرا لنعمة جدّهم وأخذ بهدي علماءهم نجا من ظلمة المخالفات ، ومن تخلّف عن ذلك غرق في بحر كفر النعم وهلك في معادن الطغيان.
البزار في مسنده ، عن ابن عبّاس وعن ابن الزبير بن العوام والحاكم في
__________________
(١) فيض القدير ٢ : ٦٥٨.