أخبرهم : أنّه قدم ركب من بني تميم على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، فقال أبو بكر : أمّر القعقاع بن معبد بن زرارة. قال عمر : بل أمّر الأقرع بن حابس ، قال أبو بكر : ما أردت إلا خلافي ، قال عمر : ما أردت خلافك ، فتماريا حتّى ارتفعت أصواتهما ، فنزل في ذلك : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا) (١) ، حتّى انقضت (٢).
والمهم في القضيّة بحديث أبي هريرة ، أنّ أبا هريرة يصف وصفاً دقيقاً كيف صلّى بهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثُمّ كيف جلس بعد الصلاة إلى آخر ذلك ، لكن ممّا يجدر الانتباه إليه ، أنّ ذا اليدين كان قد استشهد في بدر ، في السنّة الثانية للهجرة ، بينما أبو هريرة حضر إلى المدينة وأسلم في أواخر السنة السابعة للهجرة. ويتبيّن لك أنّ القصّة مكذوبة على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، منقولة على لسان صحابيّ لم يكن موجوداً وقت الحادثة ، لكنّه يصفها على لسانه ، وكأنّه عاشها ، ومع وضوح كذبها وافترائها على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، تجد أنّ أهل السنّة والجماعة يدافعون عن كذبة أبي هريرة هذه ، ويقبلون في الطعن بشخص رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ورفع العصمة عنه حتّى في التشريع ، بل واعتمدوا فوق ذلك على العديد من الأحكام الشرعيّة التي أقرّوها بناء على هذه الكذبة.
إذن ، فالقضيّة كما قلنا خطيرة جدّاً ، يتحدّد عليها بناء موقف الإنسان المسلم ، ولذلك فإنّ كلّ هذه الأمور المتعلّقة بالصحابة وعدالتهم تتحدّد من استقراء النصوص والأحاديث بشكل كامل ، وبنزاهة وصدق ، وبدون تعصّب أو عاطفة ، مع مراعاة الابتعاد عن التقليد الأعمى ; لأنّنا غداً سوف نسأل في القبر ، وفي يوم الحساب أمام الله سبحانه عن كلّ منقصة أو زيغ أو ضلال في ديننا ، ولا نريد أنْ نقول لله سبحانه وتعالى كما قالت الآية الكريمة : (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولاَ * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا
__________________
(١) الحجرات : ١.
(٢) صحيح البخاري ٥ : ١١٦.