قال له فقهائهم : أمّا ذوو آرائنا يا رسول فلم يقولوا شيئاً ، وأمّا أناس منّا حدثة أسنانهم ، فقالوا : يغفر الله لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، يعطي قريشاً ، ويترك الأنصار ، وسيوفنا تقطر من دمائهم.
فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : « إنّي لأعطي رجالاً حديث عهدهم بكفر ، أما ترضون أنْ يذهب الناس بالأموال ، وترجعوا إلى رحالكم برسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فوالله ما تنقلبون به خير ممّا ينقلبون به ».
قالوا : بلى يا رسول الله ، رضينا ، فقال لهم : « إنّكم سترون بعدي أثرة شديدة ، فاصبروا حتّى تلقوا الله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وسلّم على الحوض ». قال أنس : فلم نصبر (١).
روى الترمذي في سننه ، عن عبد الرحمن بن عوف قال : « ابتلينا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالضراء فصبرنا ، ثمّ ابتلينا بالسراء بعده فلم نصبر » (٢).
روى البيهقي ، عن عبد الله ، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال : « إنّكم سترون أثرة وأموراً تنكرونها قالوا : فما يصنع من أدرك ذلك يا رسول الله؟ قال : « أدّوا الحقّ الذي عليكم ، واسألوا الله الذي لكم » (٣).
وأنتقل بك عزيزي القارئ بعد هذا البيان الذي يؤكّد حصول التغيير والانقلاب بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى ذكر عدد يسير من الأحكام التي غيّرت وبدّلت بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهذه جملة منها :
التغيير في العصر الأوّل للإسلام :
قصر الصلاة وإتمامها :
روى البخاري في صحيحه ، أنبأنا أبو إسحاق قال : سمعت حارثة بن وهب
__________________
(١) صحيح البخاري ٤ : ٥٩ ـ ٦٠.
(٢) سنن الترمذي ٤ : ٥٧.
(٣) السنن الكبرى ٨ : ١٥٧.