الإجابة على هذا السؤال ، وهو هل اتّخذ المسلمون أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله يحلّون لهم الحرام ويحرّمون عليهم الحلال كما فعل اليهود والنصارى؟
أعتقد بأنّك سوف تجيب على هذا السؤال بكلّ سهولة ويسر بعد أنْ قرأت كيف نقض الصحابة عهودهم وبيعتهم لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم التي عقدوها لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام يوم غدير خمّ ، وعيّنوا شخصاً آخر وهو أبو بكر الذي لم يعيّنه الله ولا رسوله ، ثمّ اتّخذوه بعد ذلك قدوة ، فما قال وأمر اتّبعوه ، وما أنكر ومنع تركوه حتّى ولو كان ذلك مخالفاً لله ولرسوله.
ولقد قرأت عزيزي القارئ بحث التغيير والانقلاب بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وتغيير الأحكام بحسب الأهواء والآراء وكيف تمسّك المسلمون بكلّ تلك المتغيّرات والقوانين التي غيّرها أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية على حساب النصوص الشرعيّة القطعيّة الثبوت ، القطعيّة الدلالة ، فما حرّم أولئك حرّمه المسلمون ، ولا زالوا حتّى اليوم متّبعين في ذلك آراء وأهواء أئمّتهم الذين لم يفرض الله طاعتهم ، ولم يجعل لهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أيّة فضيلة ، وكذلك ما فرض أولئك على المسلمين لا زال المسلمون حتّى اليوم يعتبرونه فرضاً ولا يمكن أنْ يتنازلوا عنه ، حتّى ولو كان ذلك على حساب الدليل من القرآن والسنّة الصحيحة ، أليس هذا ما نشاهده اليوم ويطبّقه المسلمون من أهل السنّة.
فلقد قال عمر بن الخطّاب : متعتان كانا على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، أنهى عنهما وأعاقب عليهما : متعة النساء ، ومتعة الحجّ (١).
ومع أنّ الله أحلّ ذلك للمسلمين ، وفعله رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلا أنّ المسلمين السنّة ـ ولأنّ المحرّم لهم عمر الذي يعتبرونه مشرّعا ـ حتّى اليوم يتبنّون هذا الرأي ويعتبرونه تشريعاً ، حتّى ولو خالف الآيات القرآنيّة ، ويحاولون جهدهم أنْ
__________________
(١) شرح معاني الآثار ٢ : ١٤٦ ، كنز العمّال ١٦ : ٥١٩ ، واللفظ للثاني.