وحدّثتها بالذي لقيت ، فلم يرعها ذلك. فقالت : إنّي رأيت خرج منّي نور أضاءت منه قصور الشام. هذا حديث صحيح على شرط مسلم (١) ، ورواه غيره كثير.
أخرج الحاكم وأبو نعيم والبيهقي عن أبي هريرة رضياللهعنه قال : قيل للنبي صلّى الله عليه وسلّم : متى وجبت لك النبوّة؟ قال : « بين خلق آدم ونفخ الروح فيه » (٢).
وفي الدرّ المنثور أخرج أبو نعيم عن الصنابحي قال : قال عمر : متى جعلت نبيّاً؟ قال : « وآدم منجدل في الطين » (٣).
وأخرج ابن سعد ، عن ابن أبي الجدعاء قال : قلت : يا رسول الله ، متى جعلت نبياً؟ قال : « وآدم بين الروح والجسد » (٤).
فالمقصود من هذه الأحاديث أنّه كان نبيّاً قبل بعثه بالرسالة ، وأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان معصوماً قبل البعثة ، وكان معروفاً قبل نزول الرسالة عليه ، بالصادق الأمين ، وكان لا يمارس أيّ فعل من طقوس الجاهلية. ولكنّ وضّاعي الحديث حاولوا أيضاً أنْ يطعنوا في عصمته قبل البعثة إلا أنّهم حصروا ذلك في حادثتين فقط ، وأقرّوا أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أقرّ على نفسه بأنّه لم يفعل أيّ سوء من أمر الجاهلية وطقوسهم ، إلا أنّ المتتبّع بدقّة للروايات يتأكّد من أنّ الله قد عصمه حتّى قبل البعثة ، وبالتالي فإننّي أعتبر هذه الروايات دليلاً آخر من الأدلّة على عصمة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فقد روى الحاكم في المستدرك على الصحيحين ، حدّثنا أبو العبّاس محمّد ابن يعقوب ، حدّثنا أحمد بن عبد الجبار ، حدّثنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ،
__________________
(١) المستدرك على الصحيحين ٢ : ٦١٦.
(٢) المستدرك على الصحيحين ٢ : ٦٠٩ ، واُنظر : الدرّ المنثور ٥ : ١٨٤.
(٣) الدرّ المنثور ٥ : ١٨٤.
(٤) الدرّ المنثور ٥ : ١٨٤.