إنّ هذا النبيّ العظيم صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي حظي منذ صغره بألطاف وعنايات ربّانية ، ومنع بالفعل عن الاشتراك في مجالس اللهو ، ولم يخطر على باله ولو للحظة واحدة أنْ يشارك أهل الجاهليّة في جاهليتهم ، فكيف به بعد أنْ نال منزلة الرسالة الإلهيّة وبعث رسولا.
وكما قلت لك في السابق : إنّه لا يوجد من بين المسلمين من يؤمن بعصمة رسول الله والأئمّة من بعده إلا أتباع المذهب الحقّ أتباع أهل البيت عليهمالسلام وشيعتهم ، جعلنا الله منهم ومعهم في الدنيا والآخرة ، فهم الوحيدون الذين يبرّؤون رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من كلّ ما نسب إليه في كتب أهل السنّة من تهم وأباطيل تطعن في عصمته وأخلاقه ، وأنّ كلّ تلك الأباطيل ماتمّ وضعها إلا لتبرير مواقف مخزية كانت تعاني منها العصور الأولى ، أو فعلها بعض الصحابة أثناء حياة النبيّ وبعد وفاته صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث ابتعد الكثير من المسلمين عن دينهم وارتدّوا على أدبارهم وأحدثوا بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال : « ليردنّ عليّ الحوض رجال ممّن صاحبني ، حتّى إذا رأيتهم فرفعوا إلي ، اختلجوا دوني ، فلأقولن : أي ربي! أصيحابي ، أصيحابي ، فليقالنّ لي : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك » (١).
وصاروا يمارسون كلّ تلك الأفعال المشينة ، ولإضفاء صفة الشرعيّة لأفعالهم خصوصاً أنهّم كانوا من المتنفذّين وأصحاب القرار ، وضعوا الأحاديث والروايات والتي تنقص من قيمة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وتطعن في عصمته صلىاللهعليهوآلهوسلم مقابل تبرئة ساحة أولئك المبدّلين بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بل وأكثر من ذلك صارت مثالبهم مناقب وفضائل.
__________________
(١) صحيح مسلم ٧. ٧٠ ـ ٧١ ، ونحوه في صحيح البخاري ٥ : ١٩١ ، ٧ : ١٩٥.