الشيعة والتشريع الإسلامي
تدوينا وتطويرا
بقلم : جعفر السبحاني
الكتاب والسنة هما المصدران الرئيسيان للتشريع الإسلامي لدى المسلمين ، ولو كان هناك مصدر آخر فربما يرجع إليهما ، فالكتاب نور وضياء في جميع المجالات ، وهداية للأمة في شتى حقوق الحياة ، قال سبحانه « وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ » (١) فلو شككنا في عمومية الشيء في الآية الشريفة وسعته لكل ما يصدق عليه ، فلا يشك في أن التشريع اعنى وظائف العباد امام الله وامام الناس في الحياة الدنيا ، من أوضح مصاديقه ، فهو مبين لكل ما يحتاج إليه الإنسان فيما يرجع الى المبدأ والمعاد ، والى ما يحتاج إليه في حياته الفردية والاجتماعية من السنن والقوانين.
فإذا كان هذه مكانة الكتاب ، فما هي مكانة السنة في ذلك الحقل؟
ان السنة أولا مبينة لإجمال الكتاب وإبهامه ، وموضحة لتنزيله وتفسيره. قال سبحانه « وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ » (٢).
وثانيا ان الرسول هو الاسوة والقدوة ، فهو بقوله وفعله يبين عزائم الشرع ورخصه ، فرائضه ونوافله. قال سبحانه « لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً » (٣) ، وقال سبحانه : « وَما آتاكُمُ
__________________
(١) النحل : ٩٨.
(٢) النحل : ٤٤.
(٣) الأحزاب : ٢١.