الخليفة بعد رحلة النبي ادعى الى ذلك وقسم العلماء والفقهاء الى قسمين بين معتمد على المقاييس والمعانى الظنية كالقياس والاستحسان وسد الذرائع وشرع من قبلنا الى غير ذلك مما لم ينزل الله بها من سلطان ، ومتزمت حصر التشريع الإلهي في النصوص المحدودة التي لا تتجاوز عن أربعمائة حديث أو ما يقرب من ذلك (١).
وقد ظهر اثر ذلك التقاعس في ضبط الحديث في عصر الخلفاء فضلا عن الأعصار المتأخرة فلنأت بنموذج أو نموذجين من ذلك :
١ ـ ان مسألة العول شغلت بال الصحابة فترة من الزمن وكانت من المسائل المستجدة التي واجهت جهاز الحكم بعد الرسول ، قد طرحت أيام خلافة عمر بن الخطاب ، فتحير فادخل النقص على الجميع استحسانا ، وقال : والله ما أدري أيكم قدم الله وأيكم أخر. ما أجد شيئا أوسع لي من ان أقسم المال عليكم بالحصص وادخل على ذي حق ما ادخل عليه من عول الفريضة (٢).
أو يصح الاعتماد في الفتيا على هذا التعليل الوارد عن الخليفة أو يجب ان يصدر المفتي عن دليل شرعي إلهي يقنعه بأنه قام بواجبه؟
٢ ـ سئل عمر بن الخطاب عن رجل طلق امرأته في الجاهلية تطليقتين وفي الإسلام تطليقة واحدة فهل تضم التطليقتان إلى الثالثة أو لا؟ فقال السائل : لا آمرك ولا أنهاك (٣).
وقد ادى ذلك الى القول بحجية قول الصحابي وفعله وتقريره وعومل معه معاملة الإنسان المعصوم في حجية أقواله وأفعاله وتقريراته يقول محمد بن عمر الأسلمي وكل أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله كانوا أئمة يقتدى بهم
__________________
(١) السيد محمد رشيد رضا ، الوحي المحمدي ، ص ١٢٥.
(٢) الجصاص : أحكام القرآن ، ٢ ـ ١٠٩ ، الحاكم : المستدرك ، ٤ ـ ٣٤٠.
(٣) المتقي الهندي : كنز العمال ، ٥ ـ ١١٦.