يحفظها في موضع لم تجر العادة بحفظ الودائع فيه ، لأن الطريق يحدث فيه الخوف ، فإذا هلكت مع ذلك كان عليه ضمانها ، وأيضا فقد لزمه حفظها على الوجه الذي جرت العادة بحفظ الودائع عليه ، والقول بجواز السفر بها ، يفتقر في صحته الى دليل ، ولا دليل. وأيضا فإن الطريق إذا كان يحدث فيه الخوف والخطر ، فالاحتياط يقتضي ترك السفر بها ، فان لم يحتط عليها بترك ذلك وهلكت ، كان عليه الضمان.
٣٧٩ ـ مسألة : إذا أودع انسان عند غيره حيوانا ولم يأمره بسقيه ولا إطعامه ، ولا نهاه ، هل يجب عليه إطعامه وسقيه أم لا؟
الجواب : يجب عليه ذلك ، لأن من المعلوم بالعادة ، ان الحيوان متى منع من ذلك تلف ، وإذا أدى منعه من ذلك الى هلاكه ، كان الاحتياط يقتضي أن ينفق على ذلك. ولأن نفقة المودع عليها ليست ضائعة ، لأنه يرجع بها على مالك الوديعة.
٣٨٠ ـ مسألة : إذا أودع عند غيره صندوقا ، عليه قفل ، وامره بان لا ينام عليه ، ولا يزيده قفلا آخر مع القفل الذي هو عليه ، ففعل ذلك أو شيئا منه ، هل يلزمه ضمان ذلك أم لا؟
الجواب : إذا فعل المودع ذلك أو شيئا منه ، لم يجب عليه ضمان ، لأنه أضاف إليه حرزا آخر ، وزاد في التحرز عليه تحرزا ، وبالغ في ذلك ، وهذا يجرى مجرى قوله إذا أودعه وديعة ، وامره أن يضعها في قاعدة داره (١) فوضعها في بيت وأغلق عليها بابه ، وجعل عليه قفلا ، في انه لا ضمان عليه لو هلكت.
٣٨١ ـ مسألة : إذا أودعه حنطة أو شعيرا أو دراهم أو دنانير ، فخلطها بما لا يتميز منه ، مثل ان خلط الحنطة بحنطة والشعير بشعير والدراهم والدنانير بدراهم ودنانير مثلها ، هل عليه ضمانها أم لا؟
الجواب : عليه ضمانها ، لأنه تعدى فيها بخلطها بما لا يتميز منه ، ولا يمكن أخذ المال بعينه منه.
__________________
(١) قاعدة الدار : ساحتها ، مجمع البحرين ـ