صار كرا ، انهما ماءآن ، محكوم بنجاستهما على الانفراد. فمن ادعى طهارة أحدهما أو طهارتهما مع الاجتماع ، فعليه الدلالة. وقد دللنا نحن على ما ذكرناه بما فيه كفاية ، بحسب ما يحتمله هذا الموضع.
فبطل ما عول عليه ثم يقال له : وهذا الماء انما حكم بنجاسته مع انفصال بعضه من بعض ، فمن اين لك ، انه إذا كان متصلا ، وغير متصل انه يبقى كذلك؟
فان قال : إذا كان محكوما بنجاسته ، وجب ان يحكم فيه بذلك وان كان متصلا ، قيل له : ما زدت على ما ادعيته ، وهو الذي سئلت عنه. ثم يلزمك على ذلك ان يكون البعض الذي لاقته نجاسة لو انفصل وتميز بالنجاسة عن الباقي ، ان يحكم بطهارته ، ولا يحكم بنجاسته ، لأنا نقول لك : وهذا ماء قد بلغ كرا محكوم بطهارته. فمن ادعى نجاسته ، فعليه الدليل.
فان قلت : الدليل عليه ، انه ماء نقص عن كر ، وقد لاقته نجاسة ، فيجب كونه نجسا. قلنا لك : وهذا ماء قد بلغ كرا ، فان كان قد لاقته نجاسة ، فيجب كونه طاهرا ، لا سيما ومن قولك الذي تركناك عليه ، وما علمنا رجوعك عنه ، ان النجاسة إذا وقعت في كر من ماء لم يتغير بها أحد أوصافه لا تنجسه ، لأنها تكون مستهلكة. وعلى هذا أيضا يلزمك ما ذكرناه في البعضين من الماء ، إذا كان أحدهما نجسا ، والأخر طاهرا واجتمعا فصارا كرا. وفيهما إذا كانا نجسين وجمعا حتى صارا كذلك. ولو لا ان سائلا سأل في ان نبسط الكلام في هذه المسألة بعض البسط ، لما انتهينا فيه الى هذا الحد ، لأن المقصود في هذا الكتاب غيره.
٢ ـ المسألة : إذا كان مع المكلف اناآن ، ووقع في أحدهما نجاسة ولم يعلمه بعينه ، أيجوز له الطهارة بشيء منهما أم لا؟
الجواب : لا يجوز استعمال واحد منهما ، لأنه لا يأمن ان يكون النجس هو الذي استعمله أولا ، فيكون مؤديا للطهارة بالماء النجس ، وهذا لا يجوز.
وان كان هو المستعمل ثانيا ، كان قد صلى وعلى جسده نجاسة لم يزلها. وهذا أيضا لا يجوز. وعلى الوجهين جميعا يكون مؤديا للصلاة بغير يقين من برأيه