وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : صَارَتْ حَيَّةً صَفْرَاءَ لَهَا عُرْفٌ كَعُرْفِ الْفَرَسِ ، صَارَتْ تَتَوَرَّمُ حَتَّى صَارَتْ ثُعْبَاناً ، وَهُوَ أَعْظَمُ مَا يَكُونُ مِنَ الْحَيَّاتِ ، وَلَمَّا أَلْقَى مُوسَى الْعَصَا صَارَتْ جَانّاً فِي الِابْتِدَاءِ ، ثُمَّ صَارَتْ ثُعْبَاناً فِي الِانْتِهَاءِ.
ويقال وصف الله العصا بثلاثة أوصاف الحيةِ ، والْجَانِ ، والثعبانِ. لأنها كالحية لعدوها ، وكَالْجَانِ لتحركها ، وكالثعبان لابتلاعها.
وَنُقِلَ أَيْضاً أَنَّهُ عليهالسلام « لَمَّا أَلْقَى الْعَصَا صَارَتْ حَيَّةً عَظِيمَةً ، صَفْرَاءَ ، شَعْرَاءَ فَاغِرَةً فَاهَا ، بَيْنَ لَحْيَيْهَا ثَمَانُونَ ذِرَاعاً ، وَارْتَفَعَتْ مِنَ الْأَرْضِ بِقَدْرِ مِيلٍ ، وَقَامَتْ عَلَى ذَنَبِهَا وَاضِعَةً فَاهَا الْأَسْفَلَ فِي الْأَرْضِ وَالْأَعْلَى عَلَى سُورِ الْقَصْرِ ، وَتَوَجَّهَتْ نَحْوَ فِرْعَوْنَ لِتَأْخُذَهُ ».
ويقال كانت العصا حية لموسى وثعبانا لفرعون وجَانّاً للسحرة.
والْجَنَّةُ بالفتح : البستان من النخل والشجر ، وأصلها من الستر كأنها لتكاثفها والتفاف أغصانها سميت بِالْجَنَّةِ التي هي المرة من جَنَّهُ إذا ستره.
قال تعالى ( وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ) [ ٢ / ٣٥ ].
وَسُئِلَ الصَّادِقُ عليهالسلام عَنْ جَنَّةِ آدَمَ « أَمِنْ جِنَانِ الدُّنْيَا كَانَتْ أَمْ مِنْ جِنَانِ الْآخِرَةِ؟ فَقَالَ عليهالسلام : كَانَتْ مِنْ جِنَانِ الدُّنْيَا ، تَطْلُعُ فِيهَا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ، وَلَوْ كَانَتْ مِنْ جِنَانِ الْآخِرَةِ لَمْ يَدْخُلْهَا إِبْلِيسُ ، وَمَا خَرَجَ مِنْهَا آدَمُ أَبَداً ».
قوله ( مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ) [ ١٣ / ٣٥ ] قال بعض الأعلام اختلف في أنها مخلوقة الآن أم لا؟ والذي ذهب إليه الأكثرون ، وعليه المحقق الطوسي في التجريد القول بوجودها الآن ، وكل من قال بخلق الْجَنَّةِ قال بخلق النار.
ولهذا القول شواهد من الكتاب والسنة كقوله تعالى ( أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) [ ٣ / ١٣٣ ] وفي حق النار ( أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ ) [ ٣ / ١٣١ ] فقد أخبر تعالى عن إعدادها بلفظ الماضي ، وهو يدل على وجودها ، وإلا لزم الكذب.