فائدة
( في تشبيهات القلب وحالاته )
قال الغزالي في كتاب الإحياء : القلب مثل قبة لها أبواب تنصب إليها الأحوال من كل باب ، ومثل هدف ترمى إليه السهام من كل جانب ، ومثل مرآة منصوبة يجتاز عليها الأشخاص فيتراءى فيها صورة بعد صورة ، ومثل حوض تنصب إليه مياه مختلفة من أنهار مختلفة.
واعلم أن مداخل هذه الآثار المتجددة في القلب ساعة فساعة إما من الظاهر كالحواس الخمس ، وإما من الباطن كالخيال والشهوة والغضب والأخلاق المركبة في أمزاج الإنسان فإنه إذا أدرك بالحواس شيئا حصل منه أثر في القلب ، وكذا إذا هاجت الشهوة أو الغضب حصل من تلك الأحوال آثار في القلب.
وأما إذا منع الإنسان عن الإدراكات الظاهرة فالخيالات الحاصلة في النفس تبقى ، وينتقل الخيال من شيء إلى شيء ، وبحسب انتقال الخيال ينتقل القلب من حال إلى حال ، فالقلب دائما في التغير والتأثر من هذه الأسباب وأخص الآثار الحاصلة في القلب هي الخواطر وأعني بالخاطر ما يعرض فيه من الأفكار والأذكار ، وأعني بها إدراكات وعلوما إما على سبيل التجدد وإما على سبيل التذكر ، وإنما تسمى خواطر من حيث إنها تخطر بالخيال بعد أن كان القلب غافلا عنها ، فالخواطر هي المحركات للإرادات ، والإرادات محركة للأعضاء.
ثم هذه الخواطر المحركة لهذه الإرادة تنقسم إلى ما يدعو إلى