إذا كان الفعل لله تعالى.
[ المسألة ] السادسة والعشرون : الله تعالى عدل حكيم ، أي لا يفعل شيئا من القبائح السيّئة ، ولا يخلّ بالواجب ؛ لأنّ له صارفا عن فعل القبيح وهو علمه بقبحه وغناؤه عنه ، وعلمه بغنائه ، وله داع إلى فعل الواجب ، وهو علمه بحسنه ، والصارف عنه منتف ، فوجب الحكم بنفي القبيح والإخلال بالواجب عنه تعالى ؛ ولأنّه لو جاز منه فعل القبيح لامتنع الفرق بين النبيّ والمتنبّئ ؛ لجواز إظهار المعجز على يد الكاذب ، ولجاز التعذيب على الإيمان والإثابة على الكفر ، وهو باطل قطعا ، ولا يريد شيئا من القبائح البتّة ؛ لأنّ إرادة القبح قبيحة ؛ ولقوله تعالى : ( وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ ) (١).
[ المسألة ] السابعة والعشرون : الله تعالى يفعل لغرض ، ويستحيل عليه الفعل بلا غرض وغاية ؛ ولأنّ ذلك عبث قبيح ؛ ولقوله تعالى : ( وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلّا لِيَعْبُدُونِ ) (٢) ( وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ) (٣).
[ المسألة ] الثامنة والعشرون : اللطف واجب على الله تعالى ، ونعني به هبة مقرّبة من الطاعة ، ومبعّدة عن المعصية ، ولا يبلغ الإلجاء ولا حظّ له في التمكّن.
وبرهانه : أنّ الله تعالى إذا علم من المكلّف أنّه لا يختار الطاعة ، أو لا يكون إلى اختيارها أقرب إلّا مع ذلك اللطف لو لم يفعله لكان ناقضا لغرضه ؛ إذ غرضه الطاعة المتوقّفة على اللطف ، وهو باطل ؛ لأنّه عبث وهو محال على الله تعالى ؛ ولقوله تعالى : ( قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ ) (٤) وقوله : ( لِئَلّا يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ) (٥).
وربّما كان « للأجل » و « الرزق » و « السعر » مدخل في اللطف.
فالأجل : وقت فوت الحياة سواء كان من الله تعالى بالموت أو شبهه ، أو من غيره كالقتل على الأصحّ ؛ لاستحالة خلاف المفهوم.
__________________
(١) آل عمران (٣) : ١٠٨.
(٢) الذاريات (٥١) : ٥٦.
(٣) ص (٣٨) : ٢٧.
(٤) الأنعام (٦) : ١٤٩.
(٥) النساء (٤) : ١٦٥.