الْأَنْهارُ ) (١) وقال ( لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ ) (٢) وذلك مانع من وقوع الضلال الموجب لدخول النار.
قيل له : اما قوله : « ( وَالسّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ ) .. » فإنما ذكر فيها الأولون منهم ، ومن ذكرناه ممن دفع النص لم يكن من السابقين الأولين لأنهم أمير المؤمنين عليهالسلام وجعفر بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطلب وزيد بن حارثة وخباب بن الأرت ، وغيرهم ممن قد ذكروا ، ومن دفع النص كان إسلامه متأخرا عن إسلام هؤلاء.
على ان من ذكروه لو ثبت له السبق فإنما يثبت له السبق إلى الإسلام في الظاهر لان الباطن لا يعلمه الا الله ، وليس كل من أظهر السبق إلى الإسلام كان سبقه على وجه يستحق به الثواب ، والله تعالى انما عنى من يكون سبقه مرضيا على الظاهر والباطن ، فمن أين لهم ان من ذكروه كان سبقه على وجه يستحق به الثواب.
على انهم لو كانوا هم المعنيين بالآية لم يمنع ذلك من وقوع الخطأ منهم ولا أوجب لهم العصمة لان الرضى المذكور في الآية وما أعد الله من النعيم انما يكون مشروطا بالإقامة على ذلك والموافاة به ، وذلك يجرى مجرى قوله ( وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ) (٣) ولا أحد يقول ان ذلك يوجب لهم العصمة ولا يؤمّن وقوع الخطأ منهم بل ذلك مشروط بما ذكرناه وكذلك حكم الآية.
وأيضا فإنه لا يجوز ان يكون هذا الوعد غير مشروط وان يكون على الإطلاق إلا لمن علم عصمته ولا يجوز عليه شيء من الخطأ ، لأنه لو عنى من يجوز عليه الخطأ بالإطلاق وعلى كل وجه كان ذلك إغراء له بالقبيح وذلك فاسد بالإجماع ، وليس أحد يدعى للمذكورين العصمة فبطل ان يكونوا معنيين بالآية على الإطلاق.
واما قوله تعالى ( لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ ) .. » فالظاهر يدل على
__________________
(١) التوبة : الآية : ١٠٠.
(٢) الفتح : الآية : ١٨.
(٣) التوبة : الآية : ٧٢.