أسئلة وردت عليه من البلاد البعيدة والقريبة ومعظمها حول مسألة الإمامة والعقائد والأحكام الفقهية الخاصّة بالشّيعة وبعض هذه الكتب يعتبر مناقشة وإبطالا لآراء بعض مشايخه أمثال ابن الجنيد ، والشيخ الصّدوق وغيرهم في مسائل مثل العمل بالقياس ، والاعتقاد بسهو النّبي ونحوها.
قضى الشيخ الطوسي مع أستاذه المفيد كما أشرنا إليه سابقا ، مدة خمس سنوات ، وفي حياته وبإشارة منه (١) شرع في شرح رسالة المقنعة للمفيد التي تعدّ متنا فقهيا جامعا متقنا ، وربما كانت أوّل كتاب فقهي للشيعة من نوعها. وهذا الشّرح هو كتاب « تهذيب الأحكام » أحد الكتب الأربعة المشهورة في الحديث ، والأجزاء الأولى من هذا الكتاب التي حررها في زمن حياة أستاذه تعتبر أقوى دليل على مقدرة الشّيخ الطوسي الأدبيّة والعلمية ، مع أنّه حين ذاك لم يمض عليه أكثر من حوالي خمس وعشرين سنة من العمر. (٢)
السيّد المرتضى وملازمة الشيخ الطوسي له
جلس مجلس المفيد رسميّا لدى وفاته مباشرة أحد تلامذته وصهره الشريف أبو يعلى محمّد بن الحسن بن حمزة الجعفري (٣) المعروف ب ( أبى يعلى الجعفريّ ) فتصدى لإدارة حوزته وحلقته وكان هذا الرّجل على حدّ تعبير « النّجاشي » فقيها متكلما قائما بالأمرين. وبقي حيّا إلى عام ٤٦٣ ه (٤) أي إلى بعد وفاة الطّوسي بثلاث سنوات ـ وقد شارك أبو يعلى هذا وسلّار بن عبد العزيز مع النّجاشي في تغسيل السيد المرتضى ،
__________________
والعتبى لم يتيسر لنا الوقوف على حالهم بعد شيء من المراجعة إلى المصادر.
(١) روضات الجنّات ص ٥٦٤.
(٢) قد صرح الأستاذ الكبير آية الله البروجردي في درسه بأنّ أبحاث الشيخ الطوسي في التهذيب حول كيفية الوضوء لدليل على مقدرته الأدبيّة ، والعلمية وعلى تضلّعه فيها وتعمقه في كيفيّة الاستدلال.
(٣) قد نصّ النّجاشي في رجاله ص ٣١٦ وكذلك العلامة الحلّي في الخلاصة ص ١٦٤ على خلافة أبى يعلى هذا للشيخ المفيد ، وأما مصاهرته للمفيد فقد ذكرها ابن حجر في لسان الميزان ج ٥ ص ٣٦٨. والعلامة الشيخ عبد الرحيم الرباني رحمهالله مع تصريحه بذلك مرّات في مقدمته الطويلة لبحار الأنوار ، إلّا أنه يصرّح في ص ١٢٩ من المقدمة بأنّ صهر المفيد هو أبو يعلى حمزة بن محمد الجعفري وكأنه في نظره شخص آخر غير أبي يعلى محمد بن الحسن بن حمزة الجعفري ، على أنه قيّد وفاته بسنة ٥٦٥ ، وكلاهما عندي خطأ.
(٤) رجال النّجاشي ص ٣١٦. ولا يخفى على البصير أن تاريخ وفاة أبي يعلى ( ٤٦٣ ه ) ملحق بكلام النّجاشي قطعا لأنّ النّجاشي قد توفّي عام ٤٥٠ ه مع إمكان وقوع الخطأ في الرقم ، لأنّ أبا يعلى الجعفري لو جلس