ومكانته العلمية حين ذاك. بل الظاهر أن الشيخ كان يجيب على الأسئلة الواردة من البلاد مع وجود السيد مثل ما نرى أنّ الشيخ والسيد أجابا معا على « المسائل الرازيّة » وهي ١٥ مسألة في « الوعيد » كانت أرسلت إلى السيد. وعلاوة على تلخيص الشّافي ، فقد شرح الشيخ قسم الكلام من كتاب « جمل العلم والعمل » للسيد بعد وفاته ، وسمّاه « تمهيد الأصول » ووعد في أوّله بأن يكتب شرحا لهذا الشّرح أو لكتاب « الذّخيرة » للسيد وقد بدء بكتاب شرح الشّرح ولكنّه لم يتمه. ويستفاد من كتاب « تمهيد الأصول » أنّ الشيخ بقي ملازما لدرس السيد حتى أواخر حياته. (١)
ولد السيد المرتضى في شهر رجب عام ٣٥٥ ه وتوفّى في ٢٥ ربيع الأوّل عام ٤٣٦ ه بعد أن استوفى من العمر ثمانين سنة وثمانية أشهر وبضعة أيّام (٢) فأصبح الشيخ الطوسي خليفته ووارثه ووارث أستاذه المفيد في المرجعية العامة دون معارض ولا منازع.
الشيخ الطوسي بعد السيد المرتضى
وبعد وفاة السيد بقي الشيخ في بغداد حتّى عام ٤٤٨ ه مبجلا معظما مشغولا بالدرس والبحث والتّأليف والإجابة على الأسئلة الواردة من البلاد المختلفة ، والظاهر أنّه كأستاذيه المفيد والسيد كان يحظى بعناية خاصة من قبل ملوك آل بويه والخلفاء المعاصرين له. وإنى إلى الآن لم أقف على وثيقة تدلّنا على أنّ الشيخ خرج من بغداد في تلك الظروف الّتي قضاها في بغداد ، مع أنّه من المستبعد جدا أن لا يزور على الأقلّ في هذه المدة الطّويلة الإمام الحسين في كربلاء ، وأمير المؤمنين عليهماالسلام في النجف أو لا يسافر إلى سامراء لزيارة الإمامين العسكريين عليهماالسلام.
وقد قال الشيخ في ترجمة أحمد بن نوح أبي العباس السيرافي : « مات عن قرب إلّا أنّه كان بالبصرة ولم يتّفق لقائي إياه » (٣) وهذا الرّجل من جملة الأساتذة والشيوخ الكبار في علمي الحديث والرّجال ، وقد وصفه النّجاشي بقوله : « وهو أستاذنا وشيخنا ومن استفدنا منه » (٤) وهذا أي إدراك النّجاشي للسيرافي يعتبر عند العلماء أحد أسباب
__________________
(١) جاء في نسخة قديمة من هذا الكتاب موجودة في المكتبة الرضوية ( ورقة ٣ ) قوله : « وذكر رحمهالله في كثير من تدريسه ». وقال في أواسط مبحث اللطف : « وكان رحمهالله في آخر تدريسه يشكّ في ذلك ».
(٢) فهرست الطوسي ص ١٢٦.
(٣) فهرست الطوسي ص ٦٢.
(٤) رجال النجاشي ص ٦٨.