وقد صرّح في كتاب رجاله بأنّه يروى جميع كتب الشيخ الصدوق عن أبيه وقرأ بعضها عليه فقال : « وقال لي : أجازني ( يعني الصدوق ) جميع كتبه لمّا سمعنا منه ببغداد » (١) وعلى رأى العلامة الخوانساري صاحب الروضات يستفاد من أواخر إجازة العلامة الحلي المطوّلة لبني زهرة أنّ الشيخ الطوسي أيضا كان يروى عن « أبى الحسن علي بن أحمد » والد النّجاشيّ. (٢)
احداث بغداد وهجرة الشيخ إلى النّجف
ان نظرة إجمالية في تاريخ بغداد تدلّنا على أنّ بغداد قد استولت عليها في النّصف الأوّل من القرن الخامس أثناء إقامة الشيخ الطوسي بها ، أوضاع متشنّجة وصراعات حصلت بين الطوائف المتخاصمة ، ومن أهمّها ما كان يجري بين الشيعة والسنّة ، وكذلك بين الذين يؤيدون حكم « آل بويه » ويدافعون عنه ، وأنصار الخلافة العباسية أو من مال إلى الفاطميّين بمصر. وبذلك تعاظم الخطب حسب تزايد الخلاف ، واشتد الخطر على الشيعة وعلى شيخهم وإمامهم الشيخ الطوسي. وفي وسط ذلك الجو المشحون بالإخطار والمسيطر على النّاس ، غادر الشيخ بغداد مهاجرا الى النجف خائفا يترقب.
دخل طغرل بك السلجوقي بغداد عام ٤٤٧ ه وقد اتفق خروج الشيخ عنها بعد ذلك بمدة في سنة ٤٤٨ ه (٣) ولكن إحراق مكتبته والكرسي الذي كان يجلس عليه في الدرس كان في شهر صفر عام ٤٤٩ ه كما يحدثنا ابن الجوزي وابن الأثير (٤) على أنّ بيت الشيخ قد أغير عليه لدي هجرة الشيخ وبناء على ما نقله ابن حجر عن ابن النّجار حدث إحراق كتبه في فترات عديدة وأكثر من مرّة ، أمام جمهور الناس في باحة مسجد النّصر ، وكان الشيخ يختفي عن النّاس حفاظا على نفسه ، وهو في بغداد (٥). وهذا قابل للجمع مع ما يحدثنا به ابن كثير من أنّ إحراق مكتبة الشيخ وقع في سنة ٤٤٨ أثناء خروجه عن بغداد. وأنّهم أخذوا الكتب مع الكرسيّ ونقلوها إلى محلة الكرخ بالإضافة إلى ثلاث رايات بيضاء كان الشيعة يحملونها معهم أثناء زيارتهم للنجف فأشعلوا فيها النّار هناك
__________________
(١) رجال النّجاشي ص ٢٧٩.
(٢) روضات الجنّات ص ٣٨٣.
(٣) لاحظ المنتظم لابن الجوزي ج ٨ ص ١٧٣.
(٤) المنتظم لابن الجوزي ج ٨ ص ١٧٩ ، والكامل لابن الأثير ج ٨ ص ٨١.
(٥) لسان الميزان ج ٥ ص ١٣٥.