الطوسي جميعا ، وأشار هو إلى مقاولاته ومباحثاته مع الشيخ في جلسة الدرس ، في كتابه « المهذب » (١) وأيضا نجد من جملة كتب الشيخ الطوسي كتاب « مسائل ابن البرّاج » (٢) والمسألة بعد لا تزال رهن الدراسة والتحقيق حتّى يحصل اليقين بذلك ، وأنّ هذا الشيخ الفاضل الذي تم تأليف هذه الكتب بالتماسه هل هو ابن البراج أو شخص آخر ، وهل المراد بهذا التعبير في تلك الكتب هو شخص واحد أو أشخاص متعددون ونحن نعلم أنّ الشيخ الطوسي لاحظ طريقة أهل السنّة في تأليف كتابه المبسوط ، وكذلك في كتاب الجمل والعقود حيث أورد « الآداب » في عرض الواجبات والمستحبات ، وهو اقتباس من بعض مذاهب أهل السنة ويشهد بذلك كلامه المتقدم ، في مقدمة المبسوط وربما يقال إنّ تأليف المبسوط والجمل والعقود اتفق في زمان واحد ، وقد نصّ على ذلك في مقدمة الجمل والعقود حيث يقول « .. إلّا مسائل التفريع التي شرعنا في كتاب آخر إذا سهل الله إتمامه وانضاف إلى كتاب النّهاية كان غاية فيما يراد » مع أن المستفاد من كلامه في مقدمة المبسوط أنّ الجمل والعقود فرغ منه قديما ليكون كخاتمة للنهاية حيث يقول .. « .. وكنت عملت على قديم الوقت كتاب النّهاية .. وعملت بآخره مختصر جمل العقود في العبادات .. ووعدت فيه أن أعمل كتابا في الفروع خاصّة يضاف إلى كتاب النهاية .. » وتحلّ هذه المشكلة ، بما يظهر من تتمة كلامه في مقدمة المبسوط انّه انصرف عما كان اشتغل به في التّفريع ، وبعد مضي مدة ، اشتغل به ثانيا بطريقة مغايرة عمّا كان بدأ به حين الاشتغال بتأليف الجمل والعقود فلاحظ.
أبعاد البحث والتحقيق في حياة الشيخ الطوسي
من البديهي أنّه كلّما كان الإنسان أعظم شخصية وألمع وجودا وأوسع آثارا تكون مجالات البحث حوله ، أمام المحققين أبعد وأشمل. وما قلناه عن الطوسي في هذه الفرصة السريعة إنّما هو تصوير إجمالي عن حياته ، والّا فهو كالبحر الواسع لا يسعه إناء ضيّق. إنّه من عظماء الإسلام ومن أئمة الفقهاء ، والمحدثين ، والمتكلّمين والمفسرين عند الشيعة الإماميّة ، وهو بحق « شيخ الطائفة » ومجدّد المذهب في القرن الخامس ، ومن المؤسّسين بين
__________________
(١) كما في نسخة خطية من هذا الكتاب موجودة عندي ، وذكر ذلك في مبحث إزالة النّجاسة بالماء المضاف المختلط بالماء المطلق الطاهر.
(٢) مقدمة التبيان ص أب نقلا عن فهرست الطوسي ولم نجد فيه.