طويل الزندين ، رحب الراحة ، شثن الكفين والقدمين ، سائل الأطراف ، سبط القصب خمصان الا خمسين ، مسيح القدمين ينبو عنهما الماء ، إذا زال زال قلعا ، يخطو تكفؤا ويمشي هونا ، ذريع المشية إذا مشى كأنما ينحط في صبب وإذا التفت التفت جميعا ، خافض الطرف نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء ، جل نظره الملاحظة ، (١) يبدر من لقيه بالسلام. قال : فقلت : فصف لي منطقة. فقال : كان عليهالسلام متواصل الأحزان ، دائم الفكر ، ليست له راحة ، طويل السكت (٢) ، لا يتكلم في غير حاجة ، يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه ، يتكلم بجوامع الكلم فصلا لا فضول فيه ولا تقصير ، دمثا [ لينا ] ليس بالجافي ولا بالمهين ، تعظم عنده النعمة وإن دقت ، لا يدم منها شيئا ، غير أنه كان لا يذم ذواقا ولا يمدحه ، ولا تغضبه الدنيا وما كان لها ، فإذا تعوطي الحق لم يعرفه أحد ولم يقم لغضبه شئ حتى ينتصر له ، إذا أشار أشار بكفه كلها ، وإذا تعجب قلبها ، وإذا تحدث اتصل بها ، فضرب براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى ، وإذا غضب أعرض وأشاح ، وإذا فرح غض طرفه ، جل ضحكه التبسم ، يفتر (٣) عن مثل حب الغمام.
إلى ها هنا رواه أبو القاسم بن منيع ، عن إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد ، والباقي رواية عبد الرحمن إلى آخره.
قال الحسن ـ صلوات الله عليه ـ وكتمتها الحسين عليهالسلام زمانا ثم حدثته به فوجدته قد سبقني إليه فسألته عما سأله عنه فوجدته قد سأل أباه عن مدخل النبي صلىاللهعليهوآله ومخرجه ومجلسه وشكله ، فلم يدع منه شيئا. قال الحسين عليهالسلام : سألت أبي عليهالسلام عن مدخل رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال : كان دخوله لنفسه مأذونا له في ذلك فإذا أوى إلى منزله جزء دخوله ثلاثة أجزاء : جزء لله ، وجزء لأهله ، وجزء لنفسه ، ثم جزء جزءه بينه وبين الناس فيرد ذلك بالخاصة على العامة ولا يدخر عنهم منه شيئا وكان من سيرته في جزء الأمة إيثار أهل الفضل بإذنه وقسمه على قدر فضلهم في الدين ، فمنهم ذو الحاجة ، ومنهم ذو الحاجتين ، ومنهم ذو الحوائج ، فيتشاغل بهم ويشغلهم في ما أصلحهم والأمة من
__________________
(١) سقط هنا جملة وهي « يسوق أصحابه » أو « يفوق أصحابه » كما في المكارم للطبرسي ـ ره ـ ويأتي معناه من المؤلف.
(٢) في بعض النسخ [ السكوت ].
(٣) افتر الرجل : ضحك ضحكا حسنا.