لا دلالة على الابتداء بالمرفق ولا بالأصابع ، لأنّ الغاية قد تكون للغسل وقد تكون للمغسول وهو المراد هنا ، بل كلّ من الابتداء والدّخول مستفاد من بيان النبيّ صلىاللهعليهوآله فإنّه توضّأ وابتدأ بأعلى الوجه وبالمرفقين وأدخلهما ، وإلّا لكان خلاف ذلك هو المتعيّن لأنّه قال صلىاللهعليهوآله : هذا وضوء لا يقبل الله الصّلوة إلّا به (١). أي بمثله فلا يكون الابتداء بالأعلى (٢) وبالمرفقين وعدم دخولهما مجزيا بل يكون بدعه ، لكنّ الإجماع على خلافه.
٥ ـ ( وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ ). قيل : الباء للتّبعيض (٣) لأنّه الفارق بين مسحت بالمنديل ومسحت المنديل وقيل : زائدة لأنّ المسح متعدّ بنفسه ولذلك أنكر أهل العربيّة إفادة التّبعيض. والتّحقيق أنّها تدلّ على تضمين الفعل معنى الإلصاق ، فكأنّه قال : الصقوا المسح برؤسكم وذلك لا يقتضي الاستيعاب ولا عدمه ، بخلاف :امسحوا رؤوسكم ، فإنّه كقوله ( فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ).
ثمّ اختلف في القدر الواجب مسحه فقال أصحابنا : أقلّ ما يقع عليه اسم المسح أخذا بالمتيقّن ، ولنصّ أئمّتهم عليهمالسلام ، وبه قال الشّافعي. وقال أبو حنيفة : ربع
__________________
(١) الوسائل ب ٣١ من أبواب الوضوء ح ١١.
(٢) يعني بأعلى الوجه.
(٣) ما افاده المصنّف ـ قدّس سره ـ من افادة الباء التّبعيض دقيق متين لا غبار عليه حقيق بالتّلقي بالقبول ، الّا ان ههنا كلاما لصاحب مجمع البحرين دقيقا مقرونا بالتحقيق ننقله بعين عبارته قال في مادّة بعض : والباء للتّبعيض قال في المصباح : ومعناه انّها لا يقتضي العموم فيكفي أن يقع ما يصدق عليه انّه بعض ، واستدلّوا عليه بقوله تعالى « وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ ». وقالوا : الباء هنا للتّبعيض على رأى الكوفيّين ، ونصّ على مجيئها للتّبعيض ابن قتيبة في أدب الكاتب وأبو على الفارسيّ وابن جنّي ونقله الفارسيّ عن الأصمعيّ ، وقال ابن مالك في شرح التّسهيل : وتأتى الباء موافقة من التّبعيضيّة الى ان قال : وذهب الى مجيء الباء بمعنى التّبعيض الشافعي وهو من ائمّة اللّسان. وقال بمقتضاه احمد وأبو حنيفة حيث لم يوجبا التّعميم بل اكتفى احمد بمسح الأكثر ، وأبو حنيفة بمسح الرّبع ولا معنى للتّبعيض غير ذلك قال : وجعلها للتّبعيض اولى من القول بزيادتها لأنّ الأصل عدم الزّيادة ، ولا يلزم من