٧ ـ روى زيد بن عليّ عن آبائه عليهمالسلام أنّ المراد بالمساجد بقاع الأرض كلّها لقوله صلىاللهعليهوآله « جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا » (١).
قيل إنّ عجز الآية ينافي ذلك وهو قوله « وَسَعى فِي خَرابِها » وأجاب بعض المعاصرين ممّن اعتنى بالآيات الكريمة بأنّه لا منافاة فإنّ المراد الوعيد على خراب الأرض بالظلم والجور لقوله تعالى ( وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً ) (٢).
قلت إنّ ذلك وإن أمكن حمله عليه لكن كيف يصنع بقوله « أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلّا خائِفِينَ » ومن هو في الأرض لا يقال دخلها إلّا مجازا والأصل عدمه.
الثامنة ( إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ) (٣).
دلّت هذه الآية على غاية عناية الله تعالى بالمساجد وأنّ الّذين يسعون في عمارتها عنده في أعظم المنازل ولذلك وصفهم بالصفات الكماليّة وهي الإيمان به وباليوم الآخر وهو المعاد واقتصر على الايمان بالله واليوم الآخر وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ولم يذكر الايمان برسوله والعبادات الباقية لأنّ الإيمان بالله يستلزم الإيمان بالرسول إذ حكمه يقتضي ذلك والصلاة أعظم العبادات البدنيّة وأشقّها والزكاة أعظم العبادات الماليّة وأصعبها ومن أتى بالأعظم الأصعب لم يترك ما دونه.
ثمّ اعلم أنّ عمارة المساجد فسّرت بمعنيين : الأول رمّها وكنسها والإسراج فيها وفرشها. الثاني شغلها بالعبادة وتنحية أعمال الدنيا واللهو واللّغط وعمل الصنائع [ منها ]
__________________
(١) مجمع البيان ج ١ ص ١٩٠. سنن أبى داود ج ١ ص ١١٤. السراج المنير ج ٢ ص ٢١١.
(٢) المائدة : ٣٦ و ٦٧.
(٣) التوبة : ١٩.