وقد أتى بالصلاة عقيبه بالفاء المقتضية للمغايرة والترتيب مع أنّ التحريمة جزء داخل في الصلاة فلا يكون هي المعيّنة بالآية.
الرابعة ( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى ) (١) ومثلها ( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ ) (٢).
دلّنا على وجوب قراءة شيء من القرآن فيصدق دليل هكذا : قراءة شيء من القرآن واجب+ ولا شيء. من القراءة في غير الصلاة بواجب ـ فيكون الوجوب في الصلاة وهو المطلوب أمّا الصغرى فلصيغة الأمر الدالّة على الوجوب وأمّا الكبرى فإجماعية.
إن قلت إنّ الكبرى ممنوعة وسند المنع أنّ الوجوب إمّا عينيّ ولا إشعار به في الكلام أو كفائيّ فعدمه في غير الصلاة ممنوع بل يجب لئلّا يندرس المعجزة قلت المراد بالوجوب العينيّ إذ هو الأغلب في التكاليف ولأنه المتبادر إلى الذهن عند الإطلاق ولا شكّ أنها غير واجبة عينا في غير الصلاة إجماعا. هذا وما ذكرناه قول أكثر المفسّرين وقد قيل إنّ المراد بالقراءة الصلاة تسمية للشيء ببعض أجزائه وعني به صلاة اللّيل ثمّ نسخ بالصلوات الخمس وقيل الأمر في غير الصلاة فقيل على الوجوب نظرا إلى بقاء المعجزة ووقوفا على دلائل التوحيد وإرسال الرسل وقيل على الاستحباب فقيل أقلّه في [ اليوم و ] اللّيلة خمسون آية وقيل مائة وقيل مائتان وقيل ثلث القرآن.
إذا تقرّر هذا فهنا مسائل :
١ ـ القراءة الواجبة هنا مجملة علم بيانها بالسنّة النبويّة والمراد بها الفاتحة لقوله صلىاللهعليهوآله « لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب » (٣) وقوله صلىاللهعليهوآله « كلّ صلاة لم يقرأ فيها فاتحة الكتاب فهي خداج » (٤) وبه قال الشافعيّ ومالك وأحمد وقال أبو حنيفة
__________________
(١) المزمل : ٢٠.
(٢) المزمل : ٢٠.
(٣) السراج المنير ج ٣ ص ٤٧١.
(٤) سنن ابى داود ج ١ ص ١٨٨.