في يد الملك القهّار ولفظ الوجوه يعطي العموم ويحتمل إرادة الخصوص وهي وجوه المجرمين لأنّ قبله « وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلّا عَشْراً نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلّا يَوْماً وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ » فيكون اللّام بدل الإضافة كما في قوله تعالى ( وَأَمّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى ) (١) أي مأواه ويؤيّد هذا الاحتمال قوله تعالى بعد ذلك ( وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً ).
الرابعة ( فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ ) (٢).
أي إذا أردت قراءة القرآن فاستعذ بالله [ من الشيطان الرجيم ] أطلق الملزوم على لازمه فانّ كلّ فعل اختياريّ يلزمه الإرادة قال الزمخشريّ هي مثل قوله ( إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا ) (٣) أي إذا أردتم القيام ، وفيه نظر لأنّ بين ابتداء القيام وبين ابتداء الصلاة زمانا هو زمان الطهارة المأمور بها مثل إذا قمت إلى الأمير فتجمّل في ثيابك فانّ بين قيامك ولقائه زمانا فيه لبس الثياب وليس كذا هنا وإلّا لقال إذا قمت إلى القراءة لا إذا قرأت فإنّ بينهما فرقا.
والاستعاذة طلب العياذ وهو اللّجاء والمراد الاستجارة أي أستجير بالله دون غيره والشيطان كلّ متمرّد عن الطاعة إنسانا كان أو جنّا ووزنه فيعال من شطنت الدار إذا بعدت وقيل فعلان من شاط يشيط إذا بطل فالنّون على الأوّل أصليّ وعلى الثاني زائدة والرجيم فعيل بمعنى مفعول أي مرجوم من الرجم بمعنى الرمي فمعناه : البعيد من الخير المرميّ باللّعنة. إذا تقرّر هذا فهنا فوائد :
١ ـ أنّ الخطاب حقيقة للنبيّ صلىاللهعليهوآله ودخل فيه غيره لدليل التأسّي به.
٢ ـ روى عبد الله بن مسعود عن النبيّ صلىاللهعليهوآله « قال قرأت على رسول الله صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) النازعات : ٤٠.
(٢) النحل : ٩٨.
(٣) المائدة : ٦.