أحوالكم في الإمكان بحسب ضعف الخوف وشدّته « قِياماً » أي مسايفين ومقارعين « وَقُعُوداً » أي مرامين « وَعَلى جُنُوبِكُمْ » أي مثخنين بالجراح ووجه هذا أنّها في معرض ذكر صلاة الخوف.
قوله « فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ » أي سكنتم وأقمتم في مدنكم « فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ » تقدّم معنى إقامة الصلاة أي أدّوها كاملة في كمّيّتها وكيفيّتها بأن تأتوا بها تماما لا قصرا وعلى إيفاء الكيفيّات حقّها لا كما هو حال الشدّة وباقي الآية تقدّم تفسيره في أوّل كتاب الصلاة (١)
التاسعة ( وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرّاكِعِينَ )(٢).
لمّا تقرّر في أصول الفقه أنّ التأسيس أولى من التأكيد لاشتماله على مزيد فائدة لم يجز حمل قوله « وَارْكَعُوا » على الصلاة أي صلّوا مع المصلّين تسمية للصلاة باسم بعض أجزائها لكونه أوّل فعل يظهر منها كما قيل في ذلك سواء كان الخطاب لليهود لعدم الركوع في صلوتهم أو لغيرهم فإنّ الأمر بإقامة الصلاة يستلزم الأمر بأجزائها لأنّ الأمر بالكلّ أمر بكلّ واحد من أجزائه ضرورة وحينئذ فالأولى حمل الآية على الأمر بصلاة الجماعة فيكون راجحة إمّا وجوبا كما في الجمعة والعيدين أو استحبابا كما في باقي الصلوات الواجبة وهو قول أكثر المسلمين وقال أحمد بوجوبها على الكفاية.
وأمّا الجماعة في النوافل فأجمع علماء أهل البيت عليهمالسلام على تحريمها إلّا في نفل أصله فرض كالإعادة والعيدين والاستسقاء لما فيها من غرض الاجتماع لإجابة الدعاء واحتجاج أحمد على وجوبها بأنّه صلىاللهعليهوآله توعّد جماعة تركوها بإحراق بيوتهم (٣)
__________________
(١) راجع ص ٥٨.
(٢) البقرة : ٤٣.
(٣) روى أبو داود في سننه ج ١ ص ١٢٩ عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا فيصلي بالناس ، ثم انطلق معى برجال معهم حزم من حطب الى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار.