« هُدىً » حال من القرآن أي هاديا لِلنّاسِ « وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى » أي من جملة الهدى وذكر البيّنات بعد الهدى ذكر الأخصّ من الشيء معه فانّ كلّ بيّنة هدى ولا ينعكس ( وَالْفُرْقانِ ) ما يفرّق بين الحقّ والباطل وهو عطف على الهدى « فَمَنْ شَهِدَ » أي حضر بلده من الشهود أي الحضور وهو عامّ مخصوص بمن حصل له شرطه : البلوغ والعقل والخلوّ من الحيض والنفاس وذلك لأدلّة منفصلة كقوله عليهالسلام « رفع القلم عن ثلاثة » (١) وأدلّة اشتراط الطهارة في الصوم وغير ذلك.
والشهر منصوب على الظرف وكذا الهاء في يصمه وقيل مفعول لشهد أخذا من المشاهدة أي المعاينة وفيه نظر فإنّ المسافر والمريض يشاهدان ولا يصومان وأجيب بأنّهما خصّا بالذكر نعم يرد الحائض وشبهها ويجاب [ عنه ] بأنّه عام خصّ بمنفصل كما تقدّم. واللّام في الشهر للعهد والمعهود نوع الشهر لا شخصه وتكرار ذكر المرض والسفر دليل على تأكيد الأمر بالإفطار وأنّه عزيمة فرض (٢) لا يجوز
__________________
(١) السراج المنير ج ٢ ص ٣١٧ من حديث عائشة.
(٢) يستفاد وجوب الإفطار وكونه عزيمة من الآية من وجوه أربعة :
١ ـ الأمر بالصوم في الآية متوجه الى الحاضر كيف ولفظه « فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ » أى حضر في الشهر فليصمه ، وإذا فالمسافر غير مأمور بالصوم فصومه إدخال في الدين ما ليس فيه.
٢ ـ المفهوم من قوله تعالى ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ ) ان من لم يحضر الشهر لا يجب عليه الصوم ، ومفهوم الشرط حجة كما هو مقرر في الأصول.
٣ ـ قال عز من قائل « وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ » إذا قرأت برفع عدة تقديره : فعليه عدة من أيام أخر ، وان قرأتها بالنصب كان التقدير فليصم عدة من أيام أخر ، وحيث لا قائل بالجمع بين الصوم والقضاء وجب الإفطار ، كيف والجمع ينافي اليسر المدلول عليه بالاية ، وتقدير هم « فأفطر » خلاف الظاهر كما لا يخفى.
٤ ـ « يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ » واليسر انما هو الإفطار هنا كما أن العسر هو الصوم ، فمعنى الآية : يريد الله منكم الإفطار ولا يريد منكم الصوم.