ليس إنفاقا لأنّه قسيم له في [ نحو ] الكفّارات وقسيم الشيء مغاير له. وفيه نظر أمّا أوّلا فللمنع من عدم كون العتق إنفاقا فانّ الأوامر الواردة بالإنفاق عامّة يصدق عليه فانّ الإنفاق هو بذل المال تقرّبا إلى الله تعالى وأمّا ثانيا فلأنّ وقوعه قسيما لانفاق خاصّ لا يستلزم عدم كونه قسما من الإنفاق العامّ نعم كون العبد الكافر خبيثا بأحد المعنيين المذكورين ممنوع فإنّه ليس حراما وإلّا لحرم بيعه وتملّكه ولا رديّا عرفا ولهذا جاز رفعه إلى الفقير صدقة لكونه مالا قابلا للتملّك والنقل « وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ » عن صدقاتكم حقيق بالحمد منكم على إنعاماته الجليلة.
الرابعة ( وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ) (١).
لمّا أخبر سبحانه « أنّ ( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ) (٢) وفي موضع آخر ( كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ ) (٣) أخبر هنا أنّ الّذين يؤتون الزكاة مخلصة لوجه الله هم الّذين يضعفون حسناتهم أي يجعلونها مضاعفة والاضعاف [ في ] زيادة الأجر والثواب إن قلت كيف الجمع بين هذه الاضعافات وبين قوله تعالى ( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلّا ما سَعى ) (٤) قلت المراد ليس له إلّا ما سعى من باب العدل وأمّا الاضعاف فمن قسم التفضّل وفي الآية دلالة على وجوب النيّة في الزكاة وإيقاعها على سبيل الإخلاص لله تعالى.
الخامسة ( إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) (٥).
__________________
(١) الروم : ٣٩.
(٢) الانعام : ١٦٠.
(٣) البقرة : ٢٦١.
(٤) النجم : ٣٩.
(٥) البراءة : ٦١.