الوضوء بالإجماع ، ولا هو مع الغسل ، وإلّا لزم استعمال المشترك في كلا معنييه وهو باطل لما تقرّر في الأصول ، فلم يبق إلّا الغسل ، وكذا في قوله فيما بعد : ليطهّركم.
٨ ـ ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ ). ذكر أمورا يباح عندها التيمّم :
أحدها : المريض المتضرّر باستعمال الماء أو العاجز عن السّعي إليه.
وثانيها : المسافر الّذي لا يجد الماء في سفره ، وعلى هنا تفيد الحال : أي حال سفركم ، كقولهم : زرت فلانا على شدّته أي على حال كربته ، وتخصيص السّفر للأغلبيّة لا لاختصاصه بالإباحة ، بل يباح سفرا وحضرا مع عدم الماء ، وبه قال مالك ، وقال الشّافعيّ : الحاضر يتيمّم ويعيد الصّلوة مع الوجدان. وقال زفر (١) بمنع التيمّم بل يصبر حتّى يجد الماء. وعن أبي حنيفة القولان. والحقّ ما قلناه من العموم ، إذ المفهوم المخالف ليس بحجّة والنصوص عامّة.
وثالثها : المجيء من الغائط ، أي الموضع المطمئنّ من الأرض ، كنى بذلك عن الحدث : أي الخارج من دبر الإنسان من العذرة ، وسمّي شرعا غائطا تسمية الحالّ باسم محلّه. ومن للتّبيين : أي جاء موضعا من الغائط ، وعند الأخفش هي زائدة لتجويزه الزّيادة في الإثبات فلا حاجة عنده إلى تقدير المفعول والمعنى : إن كنتم محدثين بأحد الأحداث أي البول والغائط والرّيح ، وأو ، هنا بمعنى الواو ، وأمّا الحدث بغير الثلاثة فيستفاد من غير الآية (٢).
__________________
(١) مضى ترجمته ص ٩.
(٢) قد أجمعت الأمّة على ناقضيّة الأحداث الثلاثة : الرّبح والبول والغائط ، للوضوء وان اختلفوا في بعض الشقوق ، ولا يهمّنا التّعرض له والنّاقض للوضوء غير الثّلاثة عند الإماميّة انّما هو النّوم والمسكر بل كل مزيل للعقل وموجب الغسل ، وسيأتي في كلام المصنّف في تفسير الآية الثّانية الإشارة بناقضيّة المسكر وموجب الغسل فالّذي يحقّ علينا شرح ناقضيّة النّوم ومباحثه فنقول : الإماميّة على ناقضيّة النّوم الغالب على السّمع والبصر دون الخفقة والخفقتين ، وبه الرّوايات الواردة عن الأئمّة عليهمالسلام ـ الوسائل ب ٣ من أبواب نواقض الوضوء