لذلك نقل عن الحسن عليهالسلام (١) أنّه كان يتصدّق بالسكّر فقيل له في ذلك فقال : إنّي أحبّه وقال الله تعالى ( لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتّى تُنْفِقُوا مِمّا تُحِبُّونَ ) (٢).
الخامسة ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمّا كَسَبُوا وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ ) (٣).
المنّ هو أن يقول له ألم أعطك كذا ألم أحسن إليك وشبه ذلك والأذى أن يقول أراحني الله منك أو يعبّس في وجهه أو يجبّهه بالكلام أو يتناقص به وبالجملة المنّ والأذى يشتركان في كلّ ما ينغّص الصنيعة ويكدّرها وإنّما كانا مبطلين للصدقة لأنّ صدورهما يكشف عن كون الفعل لم يقع خالصا لله تعالى وهو معنى بطلانه فانّ من كان موطّنا نفسه على طاعة الله وطلب مرضاته لا يصدر عنه إلّا الخيرات وذلك في هذا الباب إمّا إعطاء السائل أو ردّه بأحسن الردّ كأن يقول رزقك الله أو سهّل الله عليك وشبهه وإن صدر عن الفقير سوء كلام أو تعنيف في السؤال غفر له ولم يؤاخذه به وإلى الأوّل أشار من قبل بقوله « قَوْلٌ مَعْرُوفٌ » إشارة إلى حسن الردّ « وَمَغْفِرَةٌ » إشارة إلى العفو عن سوء يقع من السائل كما قال النبيّ صلىاللهعليهوآله « إذا لم تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم » (٤) ويحتمل أن يريد بالقول
__________________
(١) المروي في الكافي ج ٤ ص ٦١ ح ٤ إسناده الى ابى عبد الله عليهالسلام ونقله في الدر المنثور ج ٢ ص ٥١ عن ابن عمر.
(٢) آل عمران : ٩٢.
(٣) البقرة : ٢٦٤.
(٤) رواه في الجامع الصغير كما في السراج المنير ج ٢ ص ٣٩ ولفظه : انكم لا تسعون للناس بأموالكم ولكن ليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق ، ورواه في كتاب