لا بدّ أن يعلّق باليد شيء لقوله « فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ». وفيه نظر لجواز أن يكون من هنا ابتدائيّة. (١) والوجه المراد به بعضه وهو الجبهة عند أكثر أصحابنا إمّا لكون الباء للتّبعيض أو للنّصوص عن أهل البيت عليهمالسلام فيمسح الجبهة إلى طرف أنفه الأعلى. وكذا المراد باليدين ظهر الكفّ من الزّند إلى أطراف الأصابع.
١٠ ـ ( ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )
ختم الآية بثلاثة أحكام تشتمل على ذكر ألطاف عظيمة :
١ ـ : ما يريد بالأمر بالوضوء والغسل ثمّ التيمّم بدلهما إلّا التّوسعة عليكم والتّخفيف لا الحرج وهو التّضييق ، ومن ههنا مبيّنة ، وكذا اللّام في ليطهّركم لبيان المراد.
٢ – ( وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ ). واختلف في هذا. فقال الحنفيّة : إنّ المحدث نجس نجاسة حكميّة فالتّطهير إزالة تلك النّجاسة ، ومنع الشّافعيّة من ذلك وقالوا لو كان نجسا حكما ، لكان مع كون أعضائه رطبة يتنجّس الملاقي بإصابتها ، ولكان إذا حمله إنسان وصلّى بطلت صلوته ، بل المراد طهارة القلب عن صفة التمرّد عن طاعة الله لأنّ الأمر بتطهير الطاهر يجعل العبد في مظنّة التمرّد ، لأنّه غير
__________________
(١) بل الحقّ ما عليه الشافعيّة من لزوم علوق شيء من التّراب باليدين. وقد خالف صاحب الكشّاف الحنفيّ المذهب أبا حنيفة في تلك المسئلة وقال بلزوم العلوق ، وقال : لا يفهم العرب من قول القائل : مسحت برأسي من الدّهن الّا التّبعيض المستفاد من الآية ، وصحيحة زرارة في الوسائل باب ١٣ من أبواب التّيمّم ح ١ دالّة على لزوم العلوق ، وهو مختار شيخنا البهائي ووالده والمحدّث الكاشاني وصاحب الحدائق وابن الجنيد. ولا ينافيه استحباب نفض اليدين كما نطقت به الاخبار ، إذ ليس في الاخبار لزوم المبالغة في النفض ، والاجزاء الصغار لا تتخلّص بمجرّد حصول المسمّى ، ولا كفاية الضّربة الواحدة ، والحكم بجواز التّيمّم بالحجر مع وجود التّراب خلاف الاحتياط.