معقول المعنى ، فإذا انقاد وتعبّد به زال عن قلبه آثار التمرّد ، وفيه نظر لأنّه جهل بحقيقة النّجاسة الحكميّة فإنّ الّذي ذكروه حكم النّجاسة العينيّة وأيضا الطّهارة الشّرعيّة حقيقة في إزالة النّجاسة الحكميّة لا غير ذلك ، فإذن الأولى ما قال الحنفيّة ، ويمكن أيضا أن يكون الثّاني مرادا.
٣ – ( وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ ) بشرعه لكم كيفيّة (١) أحكامه بتطهير أبدانكم وقلوبكم وما هو تكفير لذنوبكم. ( لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ). لعلّة [ الغاية ] أنّكم تقومون بالشّكر على تلك النّعمة ، وفي ذلك إيماء إلى كون العبادات تقع شكرا ، وهو قول البلخي وتحقيقه في الكلام.
الثّانية : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً ) (٢).
الواو في وأنتم للحال وكذلك نصب جنبا بالعطف عليه ، وقرئ سكرى جمعا كهلكى ، والسّكر [ من السّكر ] بمعنى السدّ ، قيل : المراد : لا تقربوها ( وَأَنْتُمْ سُكارى ) من خمر أو غيره حتّى تعلموا ما تقولون ، والنّهي متوجّه إلى الثّمل أي الّذي لم يزل عقله بعد ، وقيل : المراد النّاعس ، وقيل : المراد النّهي عن السّكر نفسه أي : لا تسكروا وأنتم مخاطبون بالصّلوة ، وهما ضعيفان ، أمّا الأوّل : فلأنّه خروج عن الحقيقة ، وأمّا الثّاني : فلأنّ أكثر المفسّرين قالوا : نزلت قبل تحريم الخمر عندهم ، وأيضا النّهي هنا صريح عن قرب الصّلوة لا السّكر.
وقيل : المراد : لا تقربوا مواضع الصّلوة وهي المساجد وهو المرويّ عن
__________________
(١) في نسخة مخطوطة : ليفيد.
(٢) النّساء ٤٢.