الرابعة ( ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (١)
هنا فوائد :
١ ـ اختلف في المراد بالإفاضة هنا على قولين : الأوّل نقل عن الباقر عليهالسلام وابن عبّاس وجماعة أنّ المراد إفاضة عرفات وأنّ الأمر لقريش وحلفائهم ويقال لهم الحمس (٢) لأنّهم كانوا لا يقفون بعرفات مع سائر العرب بل بالمزدلفة كأنّهم [ كانوا ] يرون لهم ترفّعا على الناس فلا تساوونهم في الموقف ويقولون نحن أهل حرم الله فلا نخرج منه فأمرهم الله بموافقة سائر العرب وقيل « الناس » هو إبراهيم عليهالسلام أي أفيضوا من حيث أفاض هو وسمّاه بالناس كما سمّاه امّة وكما قال ( الَّذِينَ قالَ لَهُمُ
__________________
(١) البقرة : ١٩٩.
(٢) قال ابن إسحاق ( ج ١ ص ١٩٩ ـ ٢٠٢ من سيرته ) وقد كانت قريش ـ لا أدرى أقبل الفيل أم بعده ـ ابتدعت رأى الحمس ، رأيا رأوا وأداروه فقالوا : نحن بنو إبراهيم وأهل الحرمة وولاة البيت وقطان مكة وساكنها فليس لأحد من العرب مثل حقنا ولا مثل منزلتنا ولا تعرف له العرب مثل ما تعرف لنا ، فلا تعظموا شيئا من الحل كما تعظمون الحرم فإنكم إن فعلتم ذلك استخفت العرب بحرمتكم وقالوا قد عظموا من الحل مثل ما عظموا من الحرم. فتركوا الوقوف على عرفة والإفاضة منها ، وهم يعرفون ويقرون أنها من المشاعر والحج ودين إبراهيم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويرون لسائر العرب أن يقفوا عليها وأن يفيضوا منها الا انهم قالوا نحن أهل الحرم فليس ينبغي لنا أن نخرج من الحرمة ولا نعظم غيرها كما نعظمها نحن الحمس ، والحمس أهل الحرم ، ثم جعلوا لمن ولدوا من العرب من ساكن الحل والحرم مثل الذي لهم بولادتهم إياهم ، يحل لهم ما يحل لهم ويحرم عليهم ما يحرم عليهم ، وكانت كنانة وخزاعة قد دخلوا معهم في ذلك.
ثم ابتدعوا في ذلك أمورا لم تكن لهم حتى قالوا لا ينبغي للحمس أن يأتقطوا الأقط ولا يسألوا السمن وهم حرم ولا يدخلوا بيتا من شعر ولا يستظلوا ان استظلوا إلا في