وَالْمُعْتَرَّ كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ) (١).
البدن جمع بدنة وهي من الإبل خاصّة سمّيت بها لعظم بدنها ونصبها من باب ما أضمر عامله على شريطة التفسير والأصل بدن بضمّتين جمع بدن كثمرة وثمر « ومن » ههنا للتبعيض أي بعض شعائر الله ويتعلّق الجارّ والمجرور بفعل محذوف أي جعلناها لكم [ و ] جعلناها من شعائر الله « لَكُمْ فِيها خَيْرٌ » أي لكم فيها مال من ظهورها وبطونها والخير يطلق على المال كما يجيء وإنّما ذكر ذلك لأنّه في المعنى تعليل لكون نحرها من شعائر الله بمعنى أنّ نحرها مع كونها كثيرة النفع والخير وشدّة محبّة الإنسان للمال من أدلّ الدلائل على قوّة الدين وشدّة تعظيم أمر الله وتقدّم معنى ذكر اسم الله « و ( صَوافَّ ) » أي قائمات في صفّ واحد وانتصابها على الحال وقرئ صوافي أي خوالص لله وقرئ أيضا صوافن و « وَجَبَتْ جُنُوبُها » أي سقطت إفطارها على الأرض وسكنت وبردت ومثله وجب الحائط إذا سقط وهنا فوائد :
١ ـ أنّ الأمر بالأكل منها يخرجها عن كونها كفّارة فإنّ الكفّارات تجب الصدقة بها بجملتها حتّى بجلودها وشعورها وحينئذ يكون هنا إمّا ضحايا أو هدي قران أو هدي تمتّع فالأكل من الأضحيّة ندب وكذا من هدي القران اتّفاقا واختلف في هدي التمتّع فقيل بالوجوب وقيل بالندب ويحتجّ من قال بالوجوب بظاهر قوله « فَكُلُوا مِنْها » فإنّه حقيقة في الوجوب على الرأي الأقوى وبقول الصادق عليهالسلام « إذا ذبحت أو نحرت فكل وأطعم كما قال تعالى ( فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) (٢) وهذا هو المختار.
__________________
(١) الحج : ٣٦ و ٣٧.
(٢) أخرجه في الوسائل عن التهذيب ب ٤٠ من أبواب الذبح ح ١.