الدليل بل لغاية مقصودة وهي تميّز (١) من يخافه بالغيب أي في القيامة ممّن لا يخافه وقيل الغيب حال انفراد المكلّف عن الناس إن قلت : إنّه تعالى عالم قبل الابتلاء فما فائدة الابتلاء قلت إنّه عالم بالكلّيّات أزلا وأبدا وأمّا الجزئيّات فلا يتعلّق علمه بها متميّزة إلّا بعد وجودها (٢) لأنّ التعلّق نسبة بين المتعلّق والمتعلّق به والنسبة متأخّرة عن المنتسبين أو يكون المراد ليتميّز فانّ العلم يقتضي التمييز فأطلق العلم وأراد لازمه.
٤ ـ « فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ » الابتلاء وخالف « فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ » أي مؤلم وفي تنكير العذاب وإبهامه تشديد لحال الصيد.
الثانية ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللهُ عَمّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ ) (٣).
الصيد يجيء مصدرا واسما للمصيد وهو المراد هنا والحرم جمع حرام وهو أيضا مصدر سمّي به المحرم مجازا لأنّ الحرام في الحقيقة يوصف به الفعل وقرأ أهل الكوفة « فَجَزاءٌ » منوّنا ورفع « مثل » تقديره فالواجب جزاء فيكون خبرا أو فعليه جزاء فيكون مبتدأ « ومثل » صفة على التقديرين والباقون بضمّ جزاء و
__________________
(١) وهو ليتميز له ، خ ل.
(٢) وذلك مبنى على قولهم ان علمه تعالى بالأشياء علم حضوري بمعنى حضور المدرك عند المدرك لكن الذي قدر الأشياء بقدرها وحدها بحدودها يعلمها قبل الإيجاد وبعده « وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ».
(٣) المائدة : ٩٥.