وكان ياقوتة بيضاء ثمّ اسودّ بملامسة الحيّض له في الجاهلية (١).
٣ ـ في قوله « ربّنا تقبّل منّا » دلالة على أنّهما بنياه للعبادة لا للسكنى فانّ سؤال التقبّل لا يتصوّر إلّا فيما وقع عبادة واستدلّ بعض حشويّة العامّة بهذه الآية على أنّ الإجزاء قد ينفكّ عن القبول فانّ المجزئ ما وقع على الوجه المأمور به شرعا وبه يخرج عن العهدة والقبول ما يترتّب عليه الثواب فإنّهما عليهماالسلام سألا التقبّل مع أنّهما لا يفعلان إلّا فعلا صحيحا مجزئا فكان ذلك السؤال لحصول استحقاق الثواب وهذا نظر فاسد فإنّ السؤال قد يكون بالواقع كما في قوله « ربّ احكم بالحقّ » أو يكون على وجه الانقطاع إليه تعالى.
العاشرة ( رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنا مَناسِكَنا وَتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوّابُ الرَّحِيمُ ) (٢).
هذا السؤال أيضا انقطاع إلى الله سبحانه ومرادهما اجعلنا منقادين لأوامرك ونواهيك وثبّتنا على الإسلام في المستقبل والتحقيق أنّ هذا الكلام يقع إمّا في حال السلوك فمعناه زدنا إذعانا وإخلاصا أو بعد الوصول فمعناه ثبّتنا و « من » هنا يحتمل التبيين والتبعيض وعلى التقديرين إنّما خصّا الذرّيّة لأنّهم أحقّ بالشفقة والنصيحة كما قال ( قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجارَةُ ) (٣) قيل أراد أمّة محمّد صلىاللهعليهوآله وعن الصادق عليهالسلام أراد بني هاشم خاصّة و « أرنا مناسكنا » أي عرّفنا مواضع عبادتنا في الحجّ فأجاب الله دعاءهما وبعث جبرئيل عليهالسلام وأراهما المناسك من أوّلها إلى يوم عرفة فلمّا بلغ عرفات قال يا إبراهيم عرفت؟ قال نعم فسمّي الوقت عرفة والموضع عرفات « وتب علينا » من ترك ما هو الأولى بنا فعله كترك المندوبات والاشتغال بالمباحات لأنّ عصمتهما مانعة من الإقدام على معصيته.
__________________
(١) ترى روايات الباب في الدر المنثور ج ١ ص ١٢٥ ـ ١٣٦.
(٢) البقرة : ١٢٨.
(٣) التحريم : ٦.